قال بعض من مدحه عليه الصلاة والسلام:
كف الرسالة ليس يخفى حسنها ... وتمام حسن الكفّ لبس الخاتم
وذكر السلامي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتختم في يمينه، والخلفاء بعده، فنقله معاوية رضي الله تعالى عنه إلى اليسار، وأخذ الأموية بذلك، ثم نقله السفاح إلى اليمين، فبقي إلى أيام الرشيد رضي الله تعالى عنه، فنقله إلى اليسار، وأخذ الناس بذلك.
وعن علي رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم «تختموا بخواتيم العقيق، فإنه لا يصيب أحدكم غم ما دام عليه ذلك» . وبلغ عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه أن ابنه اشترى فص خاتم بألف دينار، فكتب إليه عزمت عليك إلا ما بعت خاتمك بألف دينار وجعلتها في بطن جائع، واستعمل خاتما من ورق «١» وانقش عليه: رحم الله امرأ عرف قدر نفسه.
وكان خاتم علي رضي الله عنه من ورق، ونقشه: نعم القادر الله. وكان لأبي نواس خاتمان أحدهما عقيق مربع وعليه مكتوب:
تعاظمني ذنبي فلما قرنته ... بعفوك ربّي كان عفوك أعظما
والآخر حديد صيني عليه: أشهد أن لا إله إلا الله مخلصا، وأوصى عند موته أن يغسل الفص ويجعل في فمه.
قال جعفر بن محمد رضي الله تعالى عنه: ما افتقرت يد تختمت بخاتم فيروزج. وقيل: الخواتم أربعة: الياقوت للعطش، والفيروزج للمال، والعقيق للسنة، والحديد الصيني للحرز. وقيل للخوف، والله سبحانه وتعالى أعلم.
[ذكر ما جاء في الحلى:]
قيل: إن قرطي مارية بنت ظالم بن وهب بن الحرث بن معاوية كان فيهما درتان كبيض الحمام لم ير مثلهما، ولم يدر قيمتهما.
وقال محمد: بعثني يوسف بن عمر إلى هشام بياقوتة حمراء يخرج طرفاها من كفي، كانت للرائقة جارية خالد بن عبد الله القسري اشترتها بثلاثة وسبعين ألف دينار، وحبة لؤلؤ أعظم ما يكون من الحب، فدخلت عليه بهما فقال: اكتب معك بوزنهما، فقلت يا أمير المؤمنين:
هما أعظم من أن يكتب بوزنهما، فقال: صدقت:
وبعث معاوية إلى عائشة رضي الله تعالى عنها طوقا من ذهب فيه جوهرة قومت بمائة ألف دينار، فقسمته بين أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وكان ملك العرب كلما مرت عليه سنة من سني ملكه زيدت في تاجه خرزة، وكان يقال لها خرزات الملك.
[ذكر ما جاء في الطيب والتطيب:]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أطيب الطيب المسك» .
وعن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: كأني أنظر إلى وبيص الطيب «٢» في مفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم.
وعن سهل بن سعد يرفعه: «إن في الجنة لمرعى من مسك مثل مراعي دوابكم هذه» . وعن أنس رضي الله تعالى عنه قال: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنام فعرق فجاءت أمي بقارورة، فجعلت تسلت العرق فيها فاستيقظ وقال:
يا أم سليم: ما هذا الذي تصنعين؟ فقالت: هذا عرقك نجعله في طيبنا، وهو من أطيب رائحة الطيب.
وعن عمر رضي الله تعالى عنه قال: لو كنت تاجرا ما اخترت على العطر إن فاتني ريحه لم يفتني ربحه. وناول المتوكل فتى فارة المسك فقال:
لئن كان هذا طيبنا وهو طيب ... لقد طيّبته من يديك الأنامل
وأهدى عبد الله بن جعفر لمعاوية قارورة من الغالية، فسأله: كم أنفق عليها، فذكر مالا جزيلا، فقال: هذه غالية فسميت بذلك. وشمها مالك بن سليمان بن خارجة من أخته هند بنت أسماء فقال: علميني كيف تصنعين طيبك؟ فقالت: لا أفعل، تريد أن تعلمه جواريك، هو لك مني كلما أردته، ثم قالت: والله إني ما تعلمته إلا من شعرك حيث تقول:
أطيب الطيب عرف أم أبان ... فار مسك بعنبر مسحوق
قال أبو قلابة: كان ابن مسعود رضي الله تعالى عنه إذا خرج من بيته إلى المسجد عرف جيران الطريق أنه مر من طيب ريحه، وعن الحسن بن زيد الهاشمي، عن أبيه قال:
رأيت ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يطلي جسده، فإذا مرّ في الطريق قال الناس: أمرّ ابن عباس أم مر المسك؟