وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً
«١» . وقال تعالى: وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً
«٢» . وقال تعالى: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ
«٣» . وقال تعالى: فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلًا كَرِيماً ٢٣ وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً ٢٤
«٤» . وعن علي رضي الله تعالى عنه: لو علم الله شيئا في العقوق أدنى من أف لحرمه، فليعمل العاق ما شاء أن يعمل، فلن يدخل الجنة، وليعمل البار ما شاء أن يعمل فلن يدخل النار. وقيل: إنّ رضا الرب في رضا الوالدين وسخط الرب في سخط الوالدين.
وحكى أبو سهل عن أبي صالح، عن أبي نجيح، عن ربيعة، عن عبد الرحمن، عن عطاء بن أبي مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من حج عن والده بعد وفاته كتب الله لوالده حجة وكتب له براءة من النار» .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إياكم وعقوق الوالدين فإن ريح الجنة يوجد من مسيرة خمسمائة عام، ولا يجد ريحها عاق» .
وكان رجل من النساك يقبّل كل يوم قدم أمه، فأبطأ يوما على إخوانه، فسألوه، فقال: كنت أتمرغ في رياض الجنة، فقد بلغنا أن الجنة تحت أقدام الأمهات، وبلغنا أن الله تعالى كلم موسى عليه السلام ثلاثة آلاف وخمسمائة كلمة فكان آخر كلامه، يا رب أوصني قال: أوصيتك بأمك حسنا، قال له سبع مرات. قال حسبي، ثم قال:
يا موسى ألا إن رضاها رضاي، وسخطها سخطي.
وقال عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه لابن مهران: لا تأتين أبواب السلاطين، وإن أمرتهم بمعروف أو نهيتهم عن منكر، ولا تخلون بامرأة وإن علمتها سورة من القرآن، ولا تصحبن عاقا، فإنه لن يقبلك وقد عق والديه. وقال فيلسوف: من عقّ والديه عقه ولده.
وقال المأمون: لم أر أحدا أبر من الفضل بن يحيى بأبيه، بلغ على بره له أنه كان لا يتوضأ إلا بماء سخن، فمنعهم السجان من الوقود في ليلة باردة، فلما أخذ يحيى مضجعه قام الفضل إلى قمقم نحاس فملأه ماء وأدناه من المصباح، فلم يزل قائما وهو في يده إلى المصباح حتى استيقظ يحيى من منامه.
وقيل: طلب بعضهم من ولده أن يسقيه ماء، فلما أتاه بالشربة نام أبوه، فما زال الولد واقفا بالشربة في يده إلى الصباح حتى استيقظ أبوه من منامه.
وقال رجل لعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: إن لي أما بلغ منها الكبر أنها لا تقضي حاجتها إلا وظهري لها مطية، فهل أديت حقها؟ قال: لا. لأنها كانت تصنع بك ذلك وهي تتمنى بقاءك، وأنت تصنعه وتتمنى فراقها.
وقال ابن المنكدر: بت أكبس رجل أبي وبات آخر يصلي ولا يسرني ليلته بليلتي. وقيل: إن محمد بن سيرين كان يكلم أمه كما يكلم الأمير الذي لا ينتصف منه. وقيل لعلي بن الحسين رضي الله تعالى عنه: إنك من أبر الناس ولا تأكل مع أمك في صحفة، فقال: أخاف أن تسبق يدي يدها ما تسبق عيناها إليه، فأكون قد عققتها.
[الفصل الثاني في الأولا وحقوقهم وذكر النجباء والأذكياء والبلداء والأشقياء]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الولد ريحانة من الجنة» . وقال الفضل: ريح الولد من الجنة. وكان يقال: ابنك ريحانتك سبعا ثم حاجبك سبعا، ثم عدو أو صديق.
وعن ابي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: قلت لسيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله هل يولد لأهل الجنة؟ قال: والذي نفسي بيده إن الرجل يشتهي أن يكون له ولد، فيكون حمله ووضعه وشبابه الذي ينتهي إليه في ساعة واحدة.
وقيل: من حق الولد على والده أن يوسع عليه حاله كي لا يفسق. وقال عمر رضي الله تعالى عنه: إني لأكره نفسي على الجماع رجاء أن يخرج الله مني نسمة تسبّحه وتذكره.
وقال رضي الله تعالى عنه: أكثروا من العيال، فإنكم لا تدرون بمن ترزقون.
وقال شبيب بن شبة: ذهب اللذات إلا من ثلاثة: شم الصبيان، وملاقاة الأحزان، والخلوة مع النسوان.
ودخل عمرو بن العاص على معاوية وعنده ابنته عائشة فقال: من هذه يا أمير المؤمنين؟ قال: هذه تفاحة القلب، فقال: انبذها عنك، فإنهن يلدن الأعداء، ويقربن البعداء ويورثن الضغائن. قال: لا تقل يا عمرو ذلك. فو الله ما مرّض المرضى، ولا ندب الموتى، ولا أعان على