ولكن إن عدت أعبر لهذا الوجه أخسف من أضلاعي لوح وغرقني بالقايم، فقال له الأمير: أحمد الله على السلامة وأخرج في دي الطيابة وكتب له مرسوم وعلم عليه علامة الرياس البحرية للنواتية الله لك الله لي يا عملات على أبوس.
[الفصل العاشر في نوادر جامعة]
سمعت امرأة في الحديث أن صوم يوم عاشوراء كفارة سنة، فصامت إلى الظهر ثم أفطرت وقالت: يكفيني كفارة ستة أشهر منها شهر رمضان.
وأسلم مجوسي في شهر رمضان فثقل عليه الصيام، فنزل إلى سرداب وقعد يأكل فسمع ابنه حسه فقال: من هذا؟ فقال: أبوك الشقي يأكل خبز نفسه ويفزع من الناس.
وسئل بعض القصاص عن نصراني قال: لا إله إلا الله، لا غير إذا مات أين يدفن؟ قال: يدفن بين مقابر المسلمين والنصارى ليكون مذبذبا لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء.
وأهدي إلى سالم القصاص خاتم بلا فص، فقال: إن صاحب هذا الخاتم يعطى في الجنة غرفة بلا سقف.
وبنى بعض المغفلين نصف دار وبنى رجل آخر النصف الآخر، فقال المغفل يوما: قد عولت على بيع النصف الذي لي، وأشتري به النصف الآخر لتكمل لي الدار كلها.
وسئل جامع الصيدلاني عن عمر ابنته فقال: لا أدري إلا أن أمها ذكرت أنها ولدتها في أيام البراغيث. وقيل لطفيلي:
أي سورة تعجبك من القرآن؟ قال: المائدة. قال: فأي آية؟
قال: ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا
«١» قيل: ثم ماذا؟ قال:
آتِنا غَداءَنا
«٢» ، قيل: ثم ماذا؟ قال: ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ ٤٦
«٣» ، قيل: ثم ماذا؟ قال: وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ
«٤» .
وقيل لعثمان بن دراج الطفيلي يوما: كيف تصنع بدار العرس إذا لم يدخلك أصحابها؟ قال: أنوح على بابهم فيتطيرون من ذلك، فيدخلوني، وقيل له: أتعرف بستان فلان؟ قال: إي والله إنه الجنة الحاضرة في الدنيا، قيل:
لم لا تدخله وتأكل من ثماره وتستظل بأشجاره وتسبح في أنهاره؟ قال: لأن فيه كلبا لا يتمضمض إلا بدماء عراقيب الرجال. وقيل له يوما: ما هذه الصفرة التي في لونك؟
قال: من الفترة بين المضيفين. وقال: مرت بنا جنازة يوما ومعي ابني ومع الجنازة امرأة تبكي وتقول: الآن يذهبون بك إلى بيت لا فراش فيه، ولا غطاء، ولا وطاء ولا خبز ولا ماء، فقال ابني: يا أبت إلى بيتنا والله يذهبون.
وحكي عن هارون الرشيد أنه أرق ذات ليلة أرقا شديدا، فقال لوزيره جعفر بن يحيى البرمكي: إني أرقت هذه الليلة وضاق صدري ولم أعرف ما أصنع، وكان خادمه مسرور واقفا أمامه فضحك، فقال له: ما يضحكك استهزاء بي أم استخفافا؟ فقال: وقرابتك من سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم ما فعلت ذلك عمدا ولكن خرجت بالأمس أتمشى بظاهر القصر إلى أن جئت إلى جانب الدجلة فوجدت الناس مجتمعين، فوقفت فرأيت رجلا واقفا يضحك الناس يقال له ابن المغازلي، فتفكرت الآن في شيء من حديثه وكلامه، فضحكت والعفو يا أمير المؤمنين، فقال له الرشيد: ائتني الساعة به، فخرج مسرور مسرعا إلى أن جاء إلى ابن المغازلي فقال له: أجب أمير المؤمنين، فقال: سمعا وطاعة، فقال له: بشرط أنه إذا أنعم عليك بشيء يكون لك منه الربع والبقية لي، فقال له: بل اجعل لي النصف ولك النصف، فأبى، فقال: الثلث لي ولك الثلثان، فأجابه إلى ذلك بعد جهد عظيم. فلما دخل على الرشيد سلم، فأبلغ وترجم فأحسن، ووقف بين يديه، فقال له أمير المؤمنين: إن أنت أضحكتني أعطيتك خمسمائة دينار وإن لم تضحكني أضربك بهذا الجراب ثلاث ضربات، فقال ابن المغازلي في نفسه، وما عسى أن تكون ثلاث ضربات بهذا الجراب؟ وظن في نفسه أن الجراب فارغ، فوقف يتكلم ويتمسخر وفعل أفعالا عجيبة تضحك الجلمود، فلم يضحك الرشيد، ولم يتبسم، فتعجب ابن المغازلي وضجر وخاف، فقال له الرشيد: الآن استحقيت الضرب، ثم أنه أخذ الجراب ولفه وكان فيه أربع زلطات كل واحدة وزنها رطلان، فضربه ضربة، فلما وقعت الضربة في رقبته صرخ صرخة عظيمة وافتكر الشرط الذي شرطه عليه مسرور، فقال: العفو يا أمير المؤمنين اسمع مني كلمتين. قال: قل ما بدالك. قال: إن مسرورا شرط علي شرطا واتفقت أنا وإياه على مصلحة، وهو أن ما حصل لي من الصدقات يكون له فيه الثلثان ولي فيه الثلث وما أجابني إلى ذلك إلا بعد جهد عظيم. وقد شرط علي أمير المؤمنين ثلاث ضربات فنصيبي منها واحدة ونصيبه اثنتان، وقد أخذت نصيبي وبقي نصيبه، قال: فضحك