وقال آخر:
لك أنف من أنوف ... أنفت منه الأنوف «١»
أنت في القدس تصلّي ... وهو في البيت يطوف
[ومما جاء في الثقلاء:]
قال مطيع بن إياس:
قلت لعباس أخينا ... يا ثقيل الثقلاء
أنت في الصيف سموم «٢» ... وجليد في الشتاء
أنت في الأرض ثقيل ... وثقيل في السماء
[ومما جاء في الملابس وألوانها والعمائم ونحوها:]
قال الله تعالى: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ١١
«٣» . وقال تعالى: يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ
«٤» .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده» . وقال صلى الله عليه وسلم: «تعمموا تزدادوا جمالا» .
وقال صلى الله عليه وسلم: «العمائم تيجان العرب» . وكان الزبير بن العوام يقاتل يوم بدر وعليه عمامة صفراء، فنزلت الملائكة، وعليهم عمائم صفر قد أرخوها. وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف إلى دومة الجندل، فتخلف عن الجيش، وأتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه عمامة سوداء من خز، فنقضها رسول الله صلى الله عليه وسلم وعممه بيده وأسدلها بين كتفيه قدر شبر، وقال: هكذا اعتم يا ابن عوف. وبعث ملك الروم إلى النبي صلى الله عليه وسلم جبة ديباج، فلبسها ثم كساها عثمان.
وكان سعيد بن المسيب يلبس الحلة بألف درهم ويدخل المسجد، فقيل له في ذلك، فقال: إني أجالس ربي. وقيل: المروءة الظاهرة الثياب الطاهرة. وقيل:
البس البياض والسواد، فإن الدهر هكذا بياض نهار وسواد ليل:
ومما قيل في لبس السواد قول أبي قيس:
رأيتك في السواد فقلت بدرا ... بدا في ظلمة الليل البهيم
وألقيت السواد فقلت شمس ... محت بشعاعها ضوء النجوم
وقدم تاجر إلى المدينة يحمل من خمر العراق، فباع الجميع إلا السود، فشكا إلى الدارمي ذلك، وكان الدارمي قد نسك وتعبد، فعمل بيتين، وأمر من يغني بهما في المدينة، وهما هذان البيتان:
قل للمليحة في الخمار الأسود ... ماذا فعلت بزاهد متعبّد
قد كان شمّر للصلاة إزاره ... حتى قعدت له بباب المسجد
قال: فشاع الخبر في المدينة أن الدارمي رجع عن زهده وتعشق صاحبة الخمار الأسود، فلم يبق في المدينة مليحة إلا اشترت لها خمارا أسود، فلما أنفذ التاجر ما كان معه رجع الدارمي إلى تعبده وعمد إلى ثياب نسكه فلبسها.
وقال آخر في لابسة الأحمر:
وشمس من قضيب في كثيب ... تبدّت في لباس جلناري
سقتني ريقها صرفا وحيّت ... بوجنتها فهاجت جلّ ناري
وقال آخر في لابسة ثوب خمري:
في ثوبها الخمري قد أقبلت ... بوجنة حمراء كالجمر
فملت سكرا حين أبصرتها ... لا تنكروا سكري من الخمر
وقال الصنوبري في لابسة أخضر:
وجارية أدّبتّها الشطاره ... ترى الشمس من حسنها مستعاره
بدت في قميص لها أخضر ... كما ستر الورق الجلناره
فقلت لها ما اسم هذا اللباس ... فأبدت جوابا لطيف العباره
شققنا مرائر قوم به ... فنحن نسمّيه شقّ المراره
وقال حكيم لابنه: إياك أن تلبس ما يديم الملك نظره إليك به، واعلم أن الوشي لا يلبسه إلا الأحمق أو ملك.
وعليك بالبياض.
وقيل: لباس البخلاء الاستبرق لطول بقائه، ولباس المترفين السندس لقلة بقائه، ولباس المقتصدين الديباج لتوسط بقائه.