للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واحدة افتض عشرة أبكار. وكان لشيرويه غرام في الباه، فتناول منه حبة فهلك من ساعته، فكان أبرويز أول مقتول أخذ بثأره من قاتله.

ولما بايع الرشيد لأولاده الثلاثة بولاية العهد تخلف رجل مذكور من الفقهاء، فقال له الرشيد: لم تخلفت؟

فقال: عاقني عائق، فقال: اقرأوا عليه كتاب البيعة، فقال يا أمير المؤمنين: هذه البيعة في عنقي إلى قيام الساعة، فلم يفهم الرشيد ما أراد، وظن أنه إلى قيام الساعة يوم الحشر، وما أراد الرجل إلا قيامه من المجلس.

وقال المغيرة بن شعبة: لم يخدعني غير غلام من بني الحرث بن كعب، فإني ذكرت امرأة منهم لأتزوجها، فقال: أيها الأمير لا خير لك فيها، فقلت: ولم؟ قال:

رأيت رجلا يقبلها، فاعرض عنها، فتزوجها الفتى، فلمته، وقلت ألم تخبرني أنك رأيت رجلا يقبلها؟ قال: نعم رأيت أباها يقبلها. وأتى رجل إلى الأحنف، فلطمه، فقال: ما حملك على هذا؟ فقال: جعل لي جعل على أن ألطم سيد بني تميم، فقال: لست بسيدهم عليك بحارثة بن قدامة، فإنه سيدهم، فمضى إليه، فلطمه، فقطعت يده.

وقال الشعبي: وجهني عبد الملك إلى ملك الروم، فقال لي: من أهل بيت الخلافة أنت؟ قلت: لا، ولكني رجل من العرب، فكتب إلى عبد الملك رقعة ودفعها إليّ، فلما قرأها عبد الملك قال لي: أتدري ما فيها؟

قلت: لا، قال فيها: «العجب لقوم فيهم مثل هذا كيف يولون أمرهم غيره» . قال: أتدري ما أراد بهذا؟ قلت: لا، قال: حسدني عليك، فأراد أن أقتلك، فقلت: إنما كبرت عنده يا أمير المؤمنين لأنه لم يترك شيئا إلا سألني عنه، وأنا أجيبه، فبلغ ملك الروم ما قاله عبد الملك للشعبي.

فقال: لله أبوه ما عدا ما في نفسي.

ولما ولّى عبد الملك بن مروان أخاه بشرا الكوفة، وكان شابا ظريفا غزلا، بعث معه روح بن زنباع وكان شيخا متورعا، فثقل على بشر مرافقته، فذكر ذلك لندمائه، فتوصل بعض ندمائه إلى أن دخل بيت روح بن زنباع ليلا في خفية، فكتب على حائط قريب في مجلسه هذه الأبيات:

يا روح من لبنيّات وأرملة ... إذا نعاك لأهل المغرب الناعي

إن ابن مروان قد حانت منيّته ... فاحتل بنفسك يا روح بن زنباع

فتخوف من ذلك وخرج من الكوفة، فلما وصل إلى عبد الملك أخبره بذلك، فاستلقى على قفاه من شدة الضحك، قال: ثقلت على بشر وأصحابه، فاحتالوا لك.

[ومن الحيل الطريفة:]

ما حكي أن النبي صلى الله عليه وسلم لما فتح خيبر وأعرس بصفية، وفرح المسلمون جاءه الحجاج بن علاط السلمي، وكان أول من أسلم في تلك الأيام وشهد خيبر، فقال يا رسول الله: إن لي بمكة مالا عند صاحبتي أم شيبة ولي مال متفرق عند تجار مكة، فأذن لي يا رسول الله في العود إلى مكة عسى أسبق خبر إسلامي إليهم، فإني أخاف إن علموا بإسلامي أن يذهب جميع مالي بمكة، فأذن لي لعلي أخلصه، فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني أحتاج إلى أن أقول، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: قل، وأنت في حل، قال الحجاج: فخرجت، فلما انتهيت إلى الثنية ثنية البيضاء وجدت بها رجالا من قريش يتسمعون الأخبار، وقد بلغهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سار إلى خيبر، فلما أبصروني قالوا: هذا لعمر الله عنده الخبر، أخبرنا يا حجاج، فقد بلغنا أن القاطع يعنون محمدا صلى الله عليه وسلم قد سار إلى خيبر، قال: قلت إنه سار إلى خيبر وعندي من الخبر ما يسركم، قال: فأحدقوا حول ناقتي يقولون إيه يا حجاج؟ قال: فقلت هزم هزيمة لم تسمعوا بمثلها قط، وأسر محمد وقالوا: لا نقتله حتى نبعث به إلى مكة، فيقتلونه بين أظهرهم بمن كان أصاب من رجالهم. قال:

فصاحوا بمكة قد جاءكم الخبر وهذا محمد إنما تنتظرون أن يقدم به عليكم، فيقتل بين أظهركم.

قال: فقلت: أعينوني على جمع مالي من غرمائي فإني أريد أن أقدم خيبر، فأغنم من ثقل محمد وأصحابه قبل أن يسبقني التجار إلى هناك، فقاموا معي، فجمعوا لي مالي كأحسن ما أحب، فلما سمع العباس بن عبد المطلب الخبر أقبل عليّ حتى وقف إلى جانبي، وأنا في خيمة من خيام التجار، فقال: يا حجاج ما هذا الخبر الذي جئت به؟

قال: فقلت وهل عندك حفظ لما أودعه عندك من السر؟

فقال: نعم والله قال: قلت: استأخر عني حتى ألقاك على خلاء، فإني في جمع مالي كما ترى، فانصرف عني حتى إذا فرغت من جمع كل شيء كان لي بمكة، وأجمعت على الخروج، لقيت العباس، فقلت له: احفظ عليّ حديثي يا أبا الفضل، فإني أخشى أن يتبعوني، فاكتم علي ثلاثة أيام، ثم قل ما شئت. قال: لك عليّ ذلك. قال:

قلت والله ما تركت ابن أخيك إلا عروسا على ابنة ملكهم يعني صفية، وقد افتتح خيبر، وغنم ما فيها، وصارت له ولأصحابه. قال: أحق ما تقول يا حجاج؟ قال: قلت أي

<<  <   >  >>