هاربا وكبر المسلمون، وظنوا أنه هرب منه. قال أبو الشمقمق:
يا قوم إني رأيت الفيل بعدكم ... تبارك الله لي في رؤية الفيل
رأيت بيتا له شيء يحرّكه ... فكدت أفعل شيئا في السراويل
وقيل: إذا اغتم الفيل لم يكن لسواسه هم إلا الهرب بأنفسهم ويتركونه. ومن عجيب أمره أن سوطه الذي به يحث ويضرب محجن حديد أحد طرفيه في جبهته والآخر في يد راكبه، فإذا أراد شيئا غمزه به في لحمه وأول شيء يؤدبون به الفيل يعلمونه السجود للملك.
قيل: خرج كسرى أبرويز لبعض الأعياد وقد صفوا له ألف فيل وأحدق به ثلاثون ألف فارس، فلما رأته الفيلة سجدت له، فما رفعت رؤوسها حتى جذبت بالمحاجن وراضتها الفيالون، وتزعم أهل الهند أن جبهة الفيل تعرق كل عام عرقا غليظا سائلا أطيب من رائحة المسك، ولا يعرض ذلك العرق إلا في بلادها خاصة، وإن عظام الفيل كلها عاج إلا أن جوهر نابه أكرم وأثمن ولولا شرف العاج وقدره لما فخر الأحنف بن قيس على أهل الكوفة في قوله: نحن أكثر منكم عاجا وساجا وديباجا وخراجا، وقيل أن الفيلة لا تتسافد في غير بلادها.
فائدة: من قرأ سورة الفيل ألف مرة في كل يوم عشرة أيام متوالية، ثم جلس على ماء جار، وقال: اللهم أنت الحاضر المحيط بمكنونات الضمائر، اللهم عز الظالم وقلّ الناصر، وأنت المطلع العالم اللهم إن فلانا ظلمني وأساءني ولا يشهد بذلك غيرك أنت مالكه فأهلكه، اللهم سربله سربال الهوان، وقمصه قميص الردى، اللهم اقصفه ست مرات، اللهم اخفضه مرتين، فأخذهم الله بذنوبهم وما كان لهم من الله من واق، فإن الله يستجيب له ما لم يكن ظالما.
الخواص: جلده إذا بخر به بيت هرب بقه وإذا سقي إنسان من وسخ أذنه نام نومة طويلة، وإذا علق من نابه شيء على شجرة لم تثمر، وإذا عمل من جلده ترس يكون أصلب من كل ترس.
[(حرف القاف) :]
[(قاقم)]
دويبة تشبه السنجاب إلا أنه أبرد منه مزاجا، وهو أبيض يقق وجلده أعز قيمة من السنجاب.
[(قاوند)]
طير يكون بساحل البحر يبيض في الرمل ويحضن بيضه سبعة أيام، ثم تخرج أفراخه بعد ذلك، فيزقها بعد سبعة أيام، ويقال ما يمسك الله البحر في هيجانه عن أن يفيض على الساحل إلا إكراما له لأنه يقال أنه يبر والديه.
خواصه: أنه يقيم المقعد ويحلل البلاغم المزمنة وينفع الأمراض الباردة وأوجاع الأعصاب.
[(قرد)]
حيوان معروف وكنيته أبو خالد، وغير ذلك، وهو قبيح المنظر، مليح الذكاء، سريع الفهم يتعلم الصنائع. قيل: إنه أهدي للمتوكل قرد خياط، وآخر صائغ، وأهل اليمن يعلمون القرد البيع والجلوس في الدكاكين حتى قيل إنه يخرز النعل ويصر القرطاس، وهو ذو غيرة، وعنده لواط حتى قيل أنه يعدو خلف المليح من شدة المحبة، والتفت ابن الرومي يوما إلى أبي الحسن الأخفش وهو يحاكي القرد فقال:
هنيئا يا أبا الحسن المفدّى ... بلغت من الفضائل كلّ غاية
شركت القرد في قبح وسخف ... وما قصّرت عنه في الحكاية
[(قنفذ)]
بالذال المعجمعة وكنيته أبو سفيان، ومن عجيب أمره أنه يصعد الكرم، فيرمي العنقود، ثم ينزل، فيأكل منه ما أطاق، فإن كان له أفراخ تمرغ في الباقي فيتعلق بشوكه، فيذهب به إلى أولاده، وهو مولع بأكل الأفاعي، فإذا لدغته لا يؤثر فيه سمها لدفع ذلك بشوكه، وإذا تأذى منها ذهب فأكل السعتر البري، فيزول أذاها، وهو الحيوان الذي يسفد مباطنة كالرجل وله خمسة أرجل.
[(حرف الكاف) :]
[(كركند)]
«١»
حيوان يوجد ببلاد الهند والنوبة وهو دون الجاموس وله قرن واحد عظيم لا يستطيع رفع رأسه منه لثقله، وهو مصمت قوي يقاتل به الفيل، فيغلبه، ولا تعمل ناباه شيئا معه وعرض قرنه شبران، وليس بطويل جدا، وهو محدد الرأس شديد الملامسة، وإذا نشر قرنه ظهرت في معاطفه صور عجيبة كالطواويس والغزلان، وأنواع الطير، والشجر وبني آدم، ولذلك يتخذ منه صفائح الأسرة والمناطق للملوك، ويتغالون في ثمنها بحيث تبلغ المنطقة أربعة آلاف أو أكثر، والأنثى تحمل ثلاث سنين ويخرج ولدها نابت الأسنان والقرون، قوي الحافر، ويقال