للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمواهب واللطائف إبراهيم الخواص رضي الله تعالى عنه: دواء القلب خمسة أشياء، قراءة القرآن بالتدبر وخلو البطن، وقيام الليل، والتضرع عند السحر، ومجالسة الصالحين.

وقد جاءت آثار بفضيلة رفع الصوت بالقراءة، وآثار بفضيلة الإسرار، قال العلماء: إن أراد القارىء بالإسرار بعد الرياء فهو أفضل في حق من يخاف ذلك، فإن لم يخف الرياء فالجهر أفضل بشرط أن لا يؤذي غيره، من مصلّ أو نائم أو غيرهما، والأحاديث في فضل القراءة وآداب حملة القرآن كثيرة غير محصورة، من أراد الزيادة فلينظر في كتاب التبيان في آداب حملة القرآن لشيخ مشايخ الإسلام محيى الدين النووي قدس الله روحه ونور ضريحه، وقد جاء في فضل القرآن أحاديث كثيرة.

وروي في فضل قراءة سور من القرآن في اليوم والليلة فضل كبير، منها يس، وتبارك الملك، والواقعة، والدخان، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من قرأ يس في يوم وليلة ابتغاء وجه الله تعالى غفر له، وفي رواية له، من قرأ سورة الدخان في ليلة أصبح مغفورا له.

وفي رواية عن ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من قرأ سورة الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقة.

وعن جابر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينام كل ليلة حتى يقرأ ألم تنزيل الكتاب، وتبارك الملك.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: من قرأ في ليلة إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ

«١» كان له كعدل «٢» نصف القرآن، ومن قرأ قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ١

«٣» كانت له كعدل ربع القرآن، ومن قرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ١

«٤» كانت له كعدل الثلث، والأحاديث بنحو ما ذكرناه كثيرة، وقد أشرنا إلى المقاصد منها، والله تعالى أعلم بالصواب وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

[الباب الرابع في العلم والأدب وفضل العالم والمتعلم]

قال الله تعالى: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ

«٥» وقال تعالى: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ

«٦» وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تعلّموا العلم فإن تعلمه لله حسنة ودراسته تسبيح» ، والبحث عنه جهاد، وطلبه عبادة، وتعليمه صدقة، وبذله لأهله قربة، لأنه معالم الحلال والحرام، وبيان سبيل الجنة، والمؤنس في الوحشة، والمحدّث في الخلوة، والجليس في الوحدة، والصاحب في الغربة، والدليل على السراء، والمعين على الضراء، والزين عند الأخلّاء، والسلاح على الأعداء، بالعلم يبلغ العبد منازل الأخيار في الدرجات العلى، ومجالسة الملوك في الدنيا، ومرافقة الأبرار في الآخرة، والفكر في العلم يعدل الصيام، ومذاكرته تعدل القيام، وبالعلم توصل الأرحام وتفصل الأحكام، وبه يعرف الحلال والحرام، وبالعلم يعرف الله ويوحّد، وبالعلم يطاع الله ويعبد.

قيل: العلم درك حقائق الأشياء مسموعا ومعقولا.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «خير الدنيا والآخرة مع العلم وشر الدنيا والآخرة مع الجهل» ، وعنه عليه الصلاة والسلام، يوزن مداد العماء ودماء الشهداء يوم القيامة فلا يفضل أحدهما على الآخر، ولغدوة في طلب العلم أحب إلى الله من مائة غزوة، ولا يخرج أحد في طلب العلم إلا وملك موكل به يبشره بالجنة، ومن مات وميراثه المحابر والأقلام دخل الجنة.

وقال علي كرم الله وجهه: أقل الناس قيمة أقلهم علما، وقال أيضا رضي الله عنه: العلم نهر والحكمة بحر والعلماء حول النهر يطوفون والحكماء وسط البحر يغوصون والعارفون في سفن النجاة يسيرون.

وقال موسى عليه السلام في مناجاته: إلهي من أحب الناس إليك؟ قال: عالم يطلب علما، وقال بعض السلف

<<  <   >  >>