قرأه في غير صلاة وهو على وضوء فخمسة وعشرون حسنة، ومن قرأه على غير وضوء فعشر حسنات.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: لأن أقرأ البقرة وآل عمران أرتلهما وأتدبرهما أحب إلي من أن أقرأ القرآن كله هذرمة «١» .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقرأوا القرآن وابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا» . وعن صالح المزني. قال: قرأت القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقال لي: يا صالح هذه القراءة فأين البكاء؟
وكان عثمان رضي الله عنه يفتتح ليلة الجمعة بالبقرة إلى المائدة وليلة السبت بالأنعام إلى هود وليلة الأحد بيوسف إلى مريم وليلة الاثنين بطه إلى طسم نبأ موسى وفرعون وليلة الثلاثاء بالعنكبوت إلى ص وليلة الأربعاء بتنزيل إلى الرحمن ويختم ليلة الخميس.
وعن علي رضي الله عنه لا خير في عبادة لا فقه فيها، ولا خير في قراءة لا تدبّر فيها. وكان عكرمة بن أبي جهل رضي الله تعالى عنه ولعن أباه، إذا نشر المصحف أغمي عليه ويقول: هو كلام ربي.
وأبطأت عائشة رضي الله عنها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة، فقال: ما حبسك؟ قالت: قراءة رجل ما سمعت أحسن صوتا منه فقام فاستمع إليه طويلا ثم قال: هذا سالم مولى أبي حذيفة، الحمد لله الذي جعل في أمتي مثله.
وقال ابن عيينة، رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت يا رسول الله قد اختلفت علي القراءات فعلى قراءة من تأمرني فقال: على قراءة أبي عمرو «٢» . وعن أبي عمرو أني لم أزل أطلب أن أقرأه كما قرأه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكما أنزل عليه فقدمت مكة فلقيت بها عدة من التابعين ممن قرأ على الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، فقرأت عليهم فاشدد بها يدك. فينبغي للإنسان أن يحافظ على تلاوة القرآن ليلا ونهارا، سفرا وحضرا.
وقال الشيخ محيى الدين النووي رحمه الله تعالى في كتابه الأذكار: قد كان للسلف رضي الله عنهم عادات مختلفة في القدر الذي يختمون فيه، فكانت جماعة منهم يختمون في كل شهر ختمة وآخرون في كل عشر ليال ختمة، وآخرون في كل ثلاث ليال ختمة، وكان كثيرون في كل يوم وليلة ختمة، وختم جماعة في كل يوم وليلة ختمتين، وختم بعضهم في اليوم والليلة ثمان ختمات، أربعا في الليل، وأربعا في النهار.
وروي أن مجاهدا رحمه الله تعالى كان يختم القرآن في شهر رمضان فيما بين المغرب والعشاء. وأما الذين ختموا القرآن في ركعة فلا يحصون لكثرتهم، فمنهم عثمان بن عفان، وتميم الداري، وسعيد بن جبير رضي الله تعالى عنهم، وروينا في مسند الإمام المجمع على حفظه وجلاله وإتقانه وبراعته أبي محمد الدارمي رحمه الله، عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، قال: إذا وافق ختم القرآن أول الليل، صلت عليه الملائكة حتى يصبح، وإذا وافق أول النهار، صلت عليه الملائكة حتى يمسي، قال الدارمي:
هذا حديث حسن عن سعد، وأفضل القراءة ما كان في الصلاة وأما في غير الصلاة فأفضلها قراءة الليل، والنصف الأخير منه أفضل من الأول، والقراءة بين المغرب والعشاء محبوبة، وأما قراءة النهار فأفضلها بعد الصبح، ولا كراهة في وقت من الأوقات، ولا في أوقات النهي عن الصلاة، ويستحب الاجتماع عند الختم لحصول البركة.
وقيل: إن الدعاء يستجاب عند ختم القرآن، وإن الرحمة تنزل عند ختمه، ويستحب الدعاء عقب الختم استحبابا مؤكدا تأكيدا شديدا، ويجب على القارىء الإخلاص في قراءته، وأن يريد بها وجه الله تعالى وأن لا يقصد بها توصلا إلى شيء سوى ذلك، وأن يتأدب مع القرآن ويستحضر في ذهنه أنه يناجي ربه سبحانه وتعالى، ويتلو كتابه فيقرأ على حالة من يرى الله تعالى، فإنه إن لم يكن يراه فإن الله يراه، وينبغي للقارىء إذا أراد القراءة أن ينظف فمه بالسواك وأن يكون شأنه الخشوع والتدبر والخضوع فهذا هو المقصود المطلوب وبه تنشرح الصدور ويتيسر المرغوب، ودلائله أكثر من أن تحصر وأشهر من أن تذكر، وقد كان الواحد من السلف رضي الله عنهم يتلو آية واحدة ليلة كاملة يتدبرها ويستحب البكاء والتباكي لمن لا يقدر على البكاء فإن البكاء عند القراءة صفة العارفين، وشعار عباد الله الصالحين، قال الله تعالى: وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً ١٠٩
«٣» .
وقال السيد الجليل صاحب الكرامات والمعارف