للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأين الحمار وآلته؟ قال: هو عند هذا الرجل الذي معك، فعفا عنه وخلى سبيله ومضى بخرجه إلى داره فوجد متاعه سالما فوسع على أهله وأخبرهم بقصته فازداد سرورهم وفرحهم وتبركوا بذلك المولود فسبحان من لا يخيب من قصده ولا ينسى من ذكره.

ولنلحق بهذا الباب ذكر شيء مما جاء في التهنئة والبشائر.

كتب بعضهم إلى أخيه وقد أتاه خبرا استبشر به: سمعت عنك خبرا سارا كتب في الألواح وامتزج بالأرواح، وعد في جملة البشائر العظام، وجرى في العروق وتمشى في العظام. وكان خالد بن عبد الله القسري أخا هشام بن عبد الملك من الرضاع وكان يقول له: إني لأرى فيك آثار الخلافة ولا تموت حتى تليها، فقال له: إن أنا وليتها فلك العراق فلما ولى أتاه فقام بين الصفين، وقال يا أمير المؤمنين أعزك الله بعزته وأيدك بملائكته وبارك لك فيما ولاك ورعاك فيما استرعاك وجعل ولايتك على أهل الإسلام نعمة وعلى أهل الشرك نقمة، لقد كانت الولاية إليك أشوق منك إليها، وأنت لها أزين منها لك، وما مثلها ومثلك إلا كما قال الأحوص هذه الأبيات:

وإن الدرّ زاد حسن وجوه ... كان للدرّ حسن وجهك زينا

وتزيدنّ أطيب الطيب طيبا ... إن تمسّسه أين مثلك أينا

ودخل على المهدي أعرابي فقال له: فيم جئت؟ قال:

أتيتك برسالة قال: هاتها. قال: أتاني آت في منامي فقال:

إئت أمير المؤمنين فأبلغه هذه الأبيات:

لكم أرث الخلافة من قريش ... تزفّ إليكمو أبدا عروسا

إلى هارون تهدى بعد موسى ... تميس وما لها أن لا تميسا «١»

فقال المهدي: يا غلام، عليّ بالجواهر، فحشا فاه حتى كاد ينشق، ثم قال: اكتبوا هذه الأبيات واجعلوها في بخانق صبياننا.

قال إبراهيم الموصلي في تهنئة الرشيد بالخلافة:

ألم تر أنّ الشمس كانت مريضة ... فلما أتى هارون أشرق نورها

تلبّست الدنيا جمالا بملكه ... فهارون واليها ويحيى وزيرها

وغنّاه بهما من وراء الحجاب، فوصله بمائة ألف دينار ويحيى بخمسين ألفا.

ودخل عطاء بن أبي صيفي على يزيد بن معاوية وهو أول من جمع بين التهنئة والتعزية، فقال: رزئت خليفة الله وأعطيت خلافة الله قضى معاوية نحبه فغفر الله ذنبه، ووليت الرئاسة وكنت أحق بالسياسة، فاحتسب عند الله أعظم الرزية واشكر الله على أعظم العطية.

ومر عمر بن هبيرة بعد إطلاقه من السجن بالرقة، فإذا امرأة من بني سليم على سطح لها تحادث جارة لها ليلا وهي تقول: لا والذي أسأله أن يخلص عمر بن هبيرة مما هو فيه ما كان كذا، فرمى إليها بصرة فيها مائة دينار وقال:

قد خلص الله عمر بن هبيرة، فطيبي نفسا وقري عينا. والله سبحانه وتعالى أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

[الباب الثامن والخمسون في ذكر العبيد والاماء والخدم]

وفيه فصلان

[الفصل الأول في مدح العبيد والاماء والاستيصاء بهم خيرا]

عن علي رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«أول من يدخل الجنة شهيد وعبد أحسن عبادة ربه، ونصح لسيده. وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما (رفعه) : إن العبد إذا نصح لسيده وأحسن عبادة ربه فله أجره مرتين» .

وكان زيد بن حارثة خادما لخديجة رضي الله تعالى عنها، اشتري لها بسوق عكاظ، فوهبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاءه أبوه يريد شراءه منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن رضي بذلك فعلت، فسئل زيد فقال: ذل الرق مع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إليّ من عز الحرية مع مفارقته. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اختارنا اخترناه، فأعتقه وزوجه أم أيمن، وبعدها زينب بنت جحش.

وعن علي رضي الله تعالى عنه قال: كان آخر كلام

<<  <   >  >>