للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أعدّ لها لما استجارت ببيته ... أحاليب ألبان اللقاح الدوائر

وأسمنها حتى إذا ما تمكّنت ... فرته بأنياب لها وأظافر

فقل لذوي المعروف هذا جزاء من ... يجود بمعروف على غير شاكر

وحكى بعضهم قال: دخلت البادية فإذا أنا بعجوز بين يديها شاة مقتولة وإلى جانبها جرو ذئب. فقالت: أتدري ما هذا؟ فقلت: لا، قالت: هذا جرو ذئب أخذناه صغيرا وأدخلناه بيتنا وربيناه، فلما كبر فعل بشاتي ما ترى، وأنشدت:

بقرت شويهتي وفجعت قومي ... وأنت لشاتنا ابن ربيب»

غذيت بدرها ونشأت معها ... فمن أنباك أنّ أباك ذيب

إذا كان الطباع طباع سوء ... فلا أدب يفيد ولا أديب

اللهم إنّا نعوذ بك من البغي وأهله، ومن الغادر وفعله، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

[الفصل الثاني في السرقة والسراق]

قيل: مر عمر بن عبيد بجماعة وقوف فقال: ما هذا؟

قيل: السلطان يقطع سارقا، فقال: لا إله إلا الله سارق العلانية يقطع سارق السر.

وأمر الإسكندر بصلب سارق، فقال: أيها الملك إني فعلت ما فعلت، وأنا كاره. فقال: وتصلب أيضا وأنت كاره. وسرق مدني قميصا، فأعطاه لابنه يبيعه، فسرق منه، فجاء له، فقال: بكم بعته؟ قال: برأس المال. وقال أكتل السلمي، وكان لصا فاتكا:

وإنّي لأستحي من الله أن أرى ... أجرجر حبلي ليس فيه بعير

وأن أسأل المرء الدنيء بعيره ... وأجمال ربّي في البلاد كثير

قال الفرزدق:

وإنّ أبا الكرشاء ليس بسارق ... ولكن متى ما يسرق القوم يأكل

وكان لعمرو بن دويرة البجلي أخ قد كلف ببنت عم له، فتسور عليها الدار ذات ليلة، فأخذه أخوتها وأتوا به خالد بن عبد الله القسري، وجعلوه سارقا، فسأله خالد، فصدقهم ليدفع الفضيحة عن الجارية، فهمّ خالد بقطعه، فقال عمرو أخوه:

أخالد قد والله أوطئت عشوة ... وما العاشق المظلوم فينا بسارق «٢»

أقرّ بما لم يأته المرء إنّه ... رأى القطع خيرا من فضيحة عاشق

فعفا عنه خالد وزوجه الجارية.

[الفصل الثالث فيما جاء في العداوة والبغضاء]

قد ذكر الله عز وجل العداوة والبغضاء في كتابه العزيز فقال تعالى: وَأَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ

«٣» . وقال تعالى: إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ

«٤» . وقال تعالى: إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا

«٥» . وقال تعالى: إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ

«٦» .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك» . وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: العداوة تتوارث، وقال زياد بن عبد الله:

فلو أنّي بليت بهاشمي ... خؤولته بنو عبد المدان

صبرت على عداوته ولكن ... تعالوا فانظروا بمن ابتلاني

وبثّ رجل في وجه أبي عبيدة مكروها، فأنشأ يقول:

فلو أنّ لحمي إذ وهى لعبت به ... سباع كرام أو ضباع وأذؤب

لهوّن وجدي أو لسلّى مصيبتي ... ولكنما أودى بلحمي أكلب

وقيل لكسرى: أي الناس أحب إليك أن يكون عاقلا؟

<<  <   >  >>