الاخوان إلا هن. فقال عمرو: يا أمير المؤمنين إنك حببتهن إليّ.
وقيل لرجل: أي ولدك أحب إليك؟ قال: صغيرهم حتى يكبر، ومريضهم حتى يبرأ، وغائبهم حتى يحضر.
وقال ابن عامر لامرأته أمامة بنت الحكم الخزاعية: إن ولدت غلاما فلك حكمك، فلما ولدت قالت: حكمي أن تطعم سبعة أيام كل يوم على ألف خوان من فالوذج، وإن تعق بألف شاة «١» ، ففعل لها ذلك.
وغضب معاوية على يزيد، فهجره، فقال الأحنف:
يا أمير المؤمنين أولادنا ثمار قلوبنا وعماد ظهورنا، ونحن لهم سماء ظليلة وأرض ذليلة وبهم نصول على كل جليلة، فإن غضبوا فأرضهم، وإن سألوا فأعطهم، وإن لم يسألوا فابتدئهم، ولا تنظر إليهم شزرا، فيلموا حياتك ويتمنوا وفاتك. فقال معاوية: يا غلام إذا رأيت يزيد فاقرأه السلام، واحمل إليه مائتي ألف درهم، ومائتي ثوب، فقال يزيد: من عند أمير المؤمنين؟ فقيل له: الأحنف.
فقال يزيد بن معاوية: عليّ به، فقال: يا أبا بحر كيف كانت القصة؟ فحكاها له، فشكر صنيعه، وشاطره الصلة.
حكى الكسائي أنه دخل على الرشيد يوما فأمر بإحضار الأمين والمأمون ولديه، قال: فلم يلبث قليلا أن أقبلا ككوكبي أفق يزينهما هداهما ووقارهما وقد غضّا أبصارهما «٢» حتى وقفا في مجلسه، فسلما عليه بالخلافة، ودعوا له بأحسن الدعاء، فاستدناهما، وأسند محمدا عن يمينه وعبد الله عن يساره، ثم أمرني أن ألقي عليهما أبوابا من النحو، فما سألتهما شيئا إلا أحسنا الجواب عنه، فسره ذلك سرورا عظيما، وقال كيف تراهما؟ فقلت:
أرى قمريّ أفق وفرعين شامة ... يزينهما عرق كريم ومحتد
سليلي أمير المؤمنين وحائزي ... مواريث ما أبقى النبي محمد
يسدّان أنفاق النفاق بشيمة ... يزينهما حزم وسيف مهنّد
ثم قلت: ما رأيت- أعز الله أمير المؤمنين- أحدا من أبناء الخلافة ومعدن الرسالة وأغصان هذه الشجرة الزلالية آدب منهما ألسنا، ولا أحسن ألفاظا، ولا أشد اقتدارا على الكلام روية وحفظا منهما، أسأل الله تعالى أن يزيد بهما الإسلام تأييدا وعزا، ويدخل بهما على أهل الشرك ذلا وقمعا. وأمّن الرشيد على دعائه، ثم ضمهما إليه، وجمع عليهما يديه، فلم يبسطهما حتى رأيت الدموع تنحدر على صدره، ثم أمرهما بالخروج وقال: كأني بهما وقد دهم القضاء، ونزلت مقادير السماء، وقد تشتّت أمرهما، وافترقت كلمتهما بسفك الدماء، وتهتك الستور «٣» .
وكان يقال بنو أمية دن خل أخرج الله منه زقّ عسل، يعني عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه.
وسب أعرابي ولده وذكر له حقه، فقال: يا أبتاه إن عظيم حقك عليّ لا يبطل صغير حقي عليك.
قال سيدي عبد العزيز الديريني رحمه الله تعالى:
أحب بنيتي ووددت أني ... دفنت بنيتي في قاع لحد
وما بي أن تهون عليّ لكن ... مخافة أن تذوق الذلّ بعدي
فإن زوّجتها رجلا فقيرا ... أراها عنده والهم عندي
وإن زوّجتها رجلا غنيّا ... فيلطم خدّها ويسبّ جديّ
سألت الله يأخذها قريبا ... ولو كانت أحبّ الناس عندي
وقال هارون بن علي بن يحيى المنجم:
أرى ابني تشابه من علي ... ومن يحيى وذاك به خليق «٤»
وإن يشبههما خلقا وخلقا ... فقد تسري إلى الشبّه العروق
وقال أبو النصر مولى بني سليم:
ونفرح بالمولود من آل برمك ... ولا سيما إن كان من ولد الفضل
وقال الحسن بن زيد العلوي: