عبد الله بن حازم السلمي رضي الله عنه والي خراسان شجيع مضر وفارسها في عصره، قتله وكيع بن أبي سويد بخراسان في الفتنة. وكيع بن أبي سويد قاتل عبد الله بن حازم المتقدم ذكره، شجاع فاتك أهوج ولي خراسان.
قيل: لما قتل عبد الله بن حازم، ولم يتم أمره لهوجه مات حتف أنفه.
مصعب بن الزبير بن العوام شجاع بطل جواد، جاد بماله وبنفسه، قتله عبيد الله بن زياد في الحروب التي كانت بينه وبين عبد الملك بن مروان. عمير بن الحباب السلمي فارس الإسلام قتله بنو تغلب في الحرب التي كانت بينهم وبين قيس. مسلمة بن عبد الملك بن مروان، فحل بني أمية وفارسها ووالي حروبها، قيل أنه جلس يوما ليقضي بين الناس بمصر، فكلمته امرأة، فلم يقبل عليها، فقالت:
ما رأيت أقل حياء من هذا قط، فكشف عن ساقه فإذا فيها أثر تسع طعنات. فقال لها: هل ترين أثر هذا الطعن، والله لو أخّرت رجلي قيد شبر ما أصابتني واحدة منهن، وما منعني من تأخيرها إلا الحياء، وأنت تنحليني قلّته «١» .
المعتصم بطل شجاع، فارس صنديد لم يكن في بني العباس أشجع منه ولا أشد قلبا. قال ابن أبي داود: كان المعتصم يقول لي: يا أبا عبد الله عض على ساعدي بأكثر قوتك، فأقول والله يا أمير المؤمنين ما تطيب نفسي بذلك، فيقول: إنه لا يضرني، فأروم ذلك، فإذا هو لا تعمل فيه الأسنّة، فكيف تعمل فيه الأسنان. ويقال أنه طعنه بعض الخوارج، وعليه درع، فأقام المعتصم ظهره فقصم الرمح نصفين. وكان يشد يده على كتابة الدينار فيمحوها، ويأخذ عمود الحديد فيلويه حتى يصير طوقا في العنق.
إبراهيم بن الأشتر النخعي كان من الشجعان المعدودين، حارب عبيد الله بن زياد وهو في أربعة آلاف، وعبيد الله في سبعين ألفا، فظهر به وقتله بيده وهزم جيشه. عبد الله بن الحر الجعفي، شجاع شاعر فاتك له وقائع عظيمة هائلة، وأخباره في الشجاعة مشهورة.
جحدر بن ربيعة العكلي، كان بطلا شجاعا فاتكا مغيرا شاعرا، قهر أهل اليمامة، وأبادهم، فبلغ ذلك الحجاج بن يوسف، فكتب إلى عامله يوبخه بتغلب جحدر عليه، ويأمر بالتجرد له حتى يقتله، أو يحمله إليه أسيرا، فوجّه العامل إليه فتية من بني حنظلة، وجعل لهم جعلا عظيما إن هم قتلوا جحدرا أو أتوا به أسيرا، فتوجه الفتية في طلبه حتى إذا كانوا قريبا منه أرسلوا يقولون له أنهم يريدون الانقطاع إليه والارتفاق به، فوثق بذلك منهم، وسكن إلى قولهم، فبينما هو معهم يوما إذ وثبوا عليه فشدوه وثاقا، وقدموا به على العامل، فوجه به إلى الحجاج معهم، فلما قدموا به عليه ومثل بين يديه قال له: أنت جحدر؟ قال:
نعم، أصلح الله الأمير. قال: ما جرأك على ما بلغني عنك؟ قال: أصلح الله الأمير: كلب الزمان «٢» ، وجفوة السلطان وجرأة الجنان. قال: وما بلغ من أمرك؟ قال: لو ابتلاني «٣» الأمير، وجعلني مع الفرسان لرأى مني ما يعجبه، قال: فتعجب الحجاج من ثبات عقله، ومنطقه، ثم قال: يا جحدر إني قاذف بك في حاجر فيه أسد عظيم، فإن قتلك كفانا مؤنتك، وإن قتلته عفونا عنك. قال:
أصلح الله الأمير قرب الفرج إن شاء الله تعالى، فأمر به، فصفدوه بالحديد، ثم كتب إلى عامله أن يرتاد له أسدا ويحمله إليه، فتحيل العامل وارتاد له أسدا كان كاسرا خبيثا قد أفنى عامة المواشي، فتحيلوا حتى أخذوه وصيروه في تابوت وسحبوه على عجل، فلما قدموا به على الحجاج أمر به فألقي في الحاجر ولم يطعم شيئا ثلاثة أيام حتى جاع واستكلب، ثم أمر بجحدر أن ينزلوه إليه، فأعطوه سيفا وأنزلوه إليه مقيدا، وأشرف الحجاج والناس حوله ينظرون إلى الأسد ما هو صانع بجحدر، فلما نظر الأسد إلى جحدر نهض ووثب وتمطّى وزعق زعقة دويت منها الجبال، وارتاعت أهل الأرض، فشد عليه جحدر، وهو ينشد ويقول:
ليث وليث في مجال ضنك ... كلاهما ذو قوة وسفك
وصولة وبطشة وفتك ... إن يكشف الله قناع الشكّ
فأنت لي في قبضتي وملكي ثم دنا منه وضربه بسيفه ففلق هامته، فكبّر الناس وأعجب الحجاج ذلك، وقال: لله درك ما أنجبك، ثم أمر به، فأخرج من الحاجر وفك عنه قيوده وقال له: اختر إما أن تقيم معنا فنكرمك، ونقرب من منزلتك وإما أن نأذن لك، فتلحق ببلادك وأهلك على أن تضمن لنا أن لا تحدث بها حدثا، ولا تؤذي بها أحدا، قال: بل أختار