للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن ذلك: بنات الماء وهم أمة ببحر الروم يشبهن النساء ذوات شعور وثدي وفروج، وهن حسان ولهن كلام لا يفهم، وضحك ولعب، ولهن رجال من جنسهن ويقال: إن الصيادين يصطادونهن ويجامعونهن، فيجدون لذة عظيمة لا توجد في غيرهن من النساء، ثم يعيدوهن في البحور ثانيا، ويقال: إن هذا الصنف يوجد بالبرلس ورشيد على ما ذكر «١» .

وحكي عن الشيخ أبي العباس الحجازي قال: حدثني بعض التجار أنه في سنة من السنين خرجت إليه سمكة عظيمة فنقبوا أذنها وجعلوا فيها الحبال، وأخرجوها، ففتحت أذنها، فخرجت جارية حسناء بيضاء سوداء الشعر حمراء الخدين كحلاء العينين من أحسن ما يكون من النساء ومن صرتها إلى نصف ساقيها شيء كالثوب يستر قبلها ودبرها ودائر عليها كالإزار، فأخذها الرجال إلى البر، فصارت تلطم وجهها وتنتف شعرها، وتعض يدها وتصيح كما تصيح النساء حتى ماتت في أيديهم فألقوها في البحر، فتبارك الله أحسن الخالقين.

وحكى القزويني عن بعض البحريين: أن الريح ألقتهم على جزيرة ذات أشجار، وأنهار، فأقاموا بها مدة وكانوا إذا جاء الليل يسمعون بها همهمة وأصواتا وضحكا ولعبا، فخرج من المركب جماعة وكمنوا في جانب البحر، فلما جاء الليل خرج بنات الماء على عادتهن، فوثبوا عليهن، فأخذوا منهن اثنتين، فتزوج بهما شخصان، فأما أحدهما، فوثق بصاحبته، فأطلقها، فوثبت في البحر، وأما الآخر فبقي مع صاحبته زمانا وهو يحرسها حتى ولدت له ولدا كأنه القمر، فلما طاب الهواء، وركبوا البحر ووثق بها، فأطلقها، فأغفلته وألقت نفسها في البحر، فتأسف عليها تأسفا عظيما، فلما كان بعد أيام ظهرت من البحر ودنت من المراكب وألقت لصاحبها صدفا فيه در وجوهر، فباعه وصار من التجار.

ونظير هذه الحكاية: ما ذكره ابن زولاق في تاريخه أن رجلا من الأندلس من الجزيرة الخضراء صاد جارية منهن حسناء الوجه سوداء الشعر حمراء الخدين نجلاء العينين كأنها البدر ليلة التمام كاملة الأوصاف فأقامت عنده سنين وأحبها حبا شديدا وأولدها ولدا ذكرا، وبلغ من العمر أربع سنين، ثم إنه أراد السفر فاستصحبها معه، ووثق بها، فلما توسطت البحر أخذت ولدها وألقت نفسها في البحر، فكاد أن يلقي نفسه خلفها حسرة عليها، فلم يمكنه أهل المركب من ذلك، فلما كان بعد ثلاثة أيام ظهرت له، ألقت له صدفا كثيرا فيه در، ثم سلمت عليه وتركته، فكان ذلك آخر العهد بها، فتبارك الله ما أكثر عجائب خلقه، وما لم نشاهده ونسمع به أكثر، فسبحان القادر على كل شيء لا إله إلا هو ولا معبود سواه، فالعاقل يعرف الجائز، والمستحيل، ويعلم أن كل مقدور بالإضافة إلى قدرة الله تعالى قليل، وإذا سمع عجبا جائزا استحسنه ولم يكذب قائله، والجاهل إذا سمع ما لم يشاهده قطع بتكذيب قائله، وتزييف ناقله، وذلك لقلة عقله. وقد وصف الله تعالى الجاهل بعدم العقل بقوله تعالى: أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ

«٢» وقد أودع الله تعالى من عجائب المصنوعات في الآفاق والسماوات ما يدل عليه قوله تعالى: وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ ١٠٥

«٣» . فلا تكن منكر العجائب، فكل الأشياء من آياته:

فيا عجبا كيف يعصى الال ... هـ أم كيف يجحده الجاحد

وفي كلّ شيء له آية ... تدلّ على أنه الواحد

ومن شاهد حجر المغناطيس وجذبه للحديد، وكذلك حجر الماس الذي يعجز عن كسره الحديد ويكسره الرصاص ويثقب الياقوت والفولاذ ولا يقدر على ثقب الرصاص يعلم أن الذي أودعه هذا السر قادر على كل شيء، فلا تكن مكذبا بما لا تعلم وجه حكمته، فإن الله تعالى قال: بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ

«٤» .

قال صاحب تحفة الألباب: إن في بلاد السودان أمة لا رؤوس لهم، وقد ذكرهم الشعبي في كتاب سير الملوك، وذكر في بلاد المغرب أمة من ولد آدم كلهم نساء، ولا يعيش في أرضهم ذكر، وأن هؤلاء النساء يدخلن في ماء عندهم، فيحبلن من ذلك، وتلد كل إمرأة منهن بنتا ولا يلدن ذكرانا أبدا.

<<  <   >  >>