للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن تهيئها له، وتصلح شأنها، ثم أمر ببيت فضرب له، وأنزله إياه، ثم بعثها إليه، فلما دخلت عليه لبث هنيهة ثم خرج إليّ، فقلت له: أفرغت من شأنك؟ قال: لا والله، قلت له: وكيف ذلك؟ قال: لما مددت يدي إليها قالت:

مه أعند أبي وأخوتي هذا، والله لا يكون. ثم أمر بالرحلة فارتحلنا بها معا وسرنا ما شاء الله. قال لي: تقدم، فتقدمت، فعدل عن الطريق، فما لبث أن لحقني، فقلت:

أفرغت من شأنك؟ قال: لا والله، قلت ولم؟ قال: قالت تفعل بي كما يفعل بالأمة السبية الأخيذة لا والله حتى تنحر الجزر والغنم وتدعو العرب وتعمل ما يعمل مثلك لمثلي، فقلت: والله إني لأرى همة وعقلا، فقال: صدقت. قال:

أرجو الله أن تكون المرأة النجيبة، فوردنا إلى بلادنا، فأحضر الإبل والغنم ونحر وأولم ثم دخل عليها وخرج إليّ، فقلت: أفرغت من شأنك؟ قال: لا والله. قلت:

ولم ذاك؟ قال: دخلت عليها أريدها، فقلت لها: أحضرت من المال ما تريدين. قالت: والله لقد ذكرت من الشرف بما ليس فيك، قلت: ولم ذاك؟ قالت: أتستفرغ لنكاح النساء والعرب يقتل بعضها بعضا، وكان ذلك في أيام حرب قيس وذبيان. قلت: فماذا تقولين؟ قالت: أخرج إلى القوم، فأصلح بينهم، ثم راجع إلى أهلك فلن يفوتك ما تريد، فقلت: والله إني لأرى عقلا ورأيا سديدا، قال:

فاخرج بنا، فخرجنا حتى أتينا القوم، فمشينا بينهم بالصلح، فاصطلحوا على أن يحسبوا القتلى ثم تؤخذ الدية، فحملنا عنهما الديات فكانت ثلاثة الآف بعير، فانصرفنا بأجمل ذكر، ثم دخل عليها، فقالت له: أما الآن، فنعم، فأقامت عنده في ألذ عيش وأطيبه، وولدت له بنين وبنات وكان من أمرهما ما كان، والله أعلم بالصواب.

وحكى الفضل أبو محمد الطيبي قال: حدثنا بعض أصحابنا أن رجلا من بني سعد مرت به جارية لأمية بن خالد بن عبد الله بن أسد ذات ظرف وجمال، وكان شجاعا فارسا، فلما رآها قال: طوبى لمن كان له امرأة مثلك، ثم أتبعها رسولا يسألها ألها زوج ويذكره لها وكان جميلا، فقالت للرسول: وما حرفته، فأبلغه الرسول ذلك، فقال: ارجع إليها وقل لها:

وسائلة ما حرفتي قلت حرفتي ... مقارعة الأبطال في كل شارق «١»

إذا عرضت خيل لخيل رأيتني ... أمام رعيل الخيل أحمي حقائقي

أصبّر نفسي حين لم أر صابرا ... على ألم البيض الرقّاق البوارق «٢»

فلحقها الرسول، فأنشدها ما قال، فقالت له: ارجع إليه وقل له أنت أسد، فاطلب لك لبوة، فلست من نسائك، وأنشدته تقول:

ألا إنما أبغي جوادا بماله ... كريما محيّاه كثير الصدائق

فتى همّه مذ كان خود خريدة ... يعانقها في الليل فوق النمارق «٣»

وحدث يحيى بن عبد العزيز عن محمد بن عبد الحكم عن الإمام الشافعي رضي الله عنه قال: تزوج رجل امرأة جديدة على امرأة قديمة فكانت الجارية الجديدة تمر على بيت القديمة فتقول:

وما يستوي الرجلان رجل صحيحة ... وأخرى رمى فيها الزمان فشلّت

ثم تعود وتقول:

وما يستوي الثوبان ثوب به البلى ... وثوب بأيدي البائعين جديد

فمرت الجارية القديمة على باب الجديدة يوما وقالت:

نقّل فؤادك ما استطعت من الهوى ... ما الحبّ إلّا للحبيب الأول

كم منزل في الأرض يألفه الفتى ... وحنينه أبدا لأوّل منزل

وقال عمرو بن العلاء، وكان أعلم الناس بالنساء:

فإن تسألوني بالنساء فإنّني ... بصير بأدواء النساء طبيب

إذا شاب رأس المرء أو قلّ ماله ... فليس له في ودّهن نصيب

وسئل المغيرة بن شعبة عن صفة النساء فقال: بنات العم أحسن مؤاساة، والغرائب أنجب. وما ضرب رؤوس الأقران مثل ابن السوداء. وقال عبد الملك بن مروان: من أراد أن يتخذ جارية للمتعة، فليتخذها بربرية، ومن أراد أن

<<  <   >  >>