يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أصر من استغفر ولو عاد إلى الذنب في اليوم سبعين مرة» .
وحكي.. أن نبهان التمار وكنيته أبو مقبل أتته امرأة حسناء تشتري تمرا، فقال لها: هذا التمر ليس بجيد وفي البيت أجود منه، فذهب بها إلى بيته وضمها إلى نفسه وقبلها، فقالت له: اتق الله، فتركها وندم على ذلك، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك، فأنزل الله تعالى: وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً
«١» إلى آخر الآية. وعن أسماء بن الحكم الفزاري قال: سمعت عليا يقول: إني كنت رجلا إذا سمعت من رسول الله حديثا ينفعني الله منه بما شاء أن ينفعني، وإذا حدثني أحد من أصحابه استحلفته فإذا حلف لي صدقته، وإنه حدثني أبو بكر وصدق أبو بكر أنه سمع رسول الله يقول: «ما من عبد يذنب ذنبا فيحسن الطهور ويصلي ثم يستغفر الله إلا غفر له» .
وروي في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا أذنب العبد ذنبا فقال يا رب أذنبت ذنبا فاغفره لي، قال الله عز وجل: علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به، فغفر له. ثم إذا مكث ما شاء الله وأصاب ذنبا آخر، فقال: يا رب أذنبت ذنبا فاغفر لي، قال ربه: علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به قد غفرت لعبدي فليفعل ما شاء.
وكان قتادة رضي الله تعالى عنه يقول: القرآن يدلكم على دائكم ودوائكم، أما دواؤكم فالاستغفار، وأما داؤكم فالذنوب.
وكان علي رضي الله تعالى عنه يقول: العجب لمن هلك ومعه كلمة النجاة، قيل: وما هي؟ قال: الاستغفار.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال عشرا حين يصبح وحين يمسي، أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه وأسأله التوبة والمغفرة من جميع الذنوب، غفرت ذنوبه ولو كانت مثل رمل عالج. ومن قال سبحانك ظلمت نفسي وعملت سوءا فاغفر لي ذنوبي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، غفرت ذنوبه ولو كانت مثل دبيب النمل.
وقال أبو عبد الله الورّاق: لو كان عليك من الذنوب مثل عدد القطر وزبد البحر محيت عنك إذا استغفرت بهذا الاستغفار، وهو هذا: اللهم إني أسألك وأستغفرك من كل ذنب تبت إليك منه ثم عدت فيه، وأستغفرك من كل ما وعدتك من نفسي ثم لم أوف لك به، وأستغفرك من كل عمل أردت به وجهك فخالطه غيرك، وأستغفرك من كل نعمة أنعمت بها علي فاستعنت بها على معصيتك، يقول الله عز وجل لملائكته: ويح ابن آدم يذنب الذنب ثم يستغفرني فأغفر له، ثم يذنب فيستغفرني فأغفر له لا هو يترك الذنب من مخالفتي ولا ييأس من مغفرتي، أشهدكم يا ملائكتي أني قد غفرت له.
وقال بشر الحافي «٢» بلغني أن العبد إذا عمل الخطيئة أوحى الله تعالى إلى الملائكة الموكلين ترفقوا عليه سبع ساعات، فإن استغفرني فلا تكتبوها وإن لم يستغفرني فاكتبوها.
نكتة.. قيل: انقطع الغيث عن بني إسرائيل في زمن موسى عليه الصلاة والسلام حتى احترق النبات وهلك الحيوان، فخرج موسى عليه الصلاة والسلام في بني إسرائيل وكانوا سبعين رجلا من نسل الأنبياء مستغيثين إلى الله تعالى، قد بسطوا أيدي صدقهم وخضوعهم وقربوا قربان تذللهم وخشوعهم ودموعهم تجري على خدودهم ثلاثة أيام، فلم يمطر لهم، فقال موسى: اللهم أنت القائل: ادعوني أستجب لكم وقد دعوتك وعبادك على ما ترى من الفاقة والحاجة والذل، فأوحى الله تعالى إليه:
يا موسى إن فيهم من غذاؤه حرام وفيهم من يبسط لسانه بالغيبة والنميمة وهؤلاء استحقوا أن أنزل عليهم غضبي، وأنت تطلب لهم الرحمة كيف يجتمع موضع الرحمة وموضع العذاب؟ فقال موسى: ومن هم يا رب حتى نخرجهم من بيننا؟ فقال الله تعالى: يا موسى لست بهتاك ولا نمام، ولكن يا موسى توبوا كلكم بقلوب خالصة فعساهم يتوبوا معكم فأجود بإنعامي عليكم، فنادى منادي موسى في بني إسرائيل ان اجتمعوا فاجتمعوا فأعلمهم موسى عليه الصلاة والسلام بما أوحي إليه والعصاة يسمعون، فذرفت أعينهم ورفعوا مع بني إسرائيل أيديهم إلى الله عز وجل وقالوا: إلهنا جئناك من أوزارنا هاربين، ورجعنا إلى بابك طالبين فارحمنا يا أرحم الراحمين، فما زالوا كذلك حتى سقوا بتوبتهم إلى الله تعالى.
اللهم تب علينا وعلى سائر العصاة والمذنبين يا رب العالمين.