للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ

«١» بالباء الموحدة لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً

«٢» بالباء الموحدة. وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ

«٣» بالجيم والباء الموحدة هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَرِءْياً

«٤» بالزاي وترك الهمزة عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ

«٥» بالسين المهملة صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً

«٦» بالنون والعين المهملة.

سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي

«٧» بإسقاط التاء. بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ ٢

«٨» بالغين المعجمة والراء المهملة قرن الشقاق بالغرة، وهذا لا يقع إلا من الأذكياء.

وحكي أن المأمون ولّى عاملا على بلاد، وكان يعرف منه الجور في حكمه، فأرسل إليه رجلا من أرباب دولته ليمتحنه، فلما قدم عليه أظهر له أنه قدم في تجارة لنفسه، ولم يعلمه أن أمير المؤمنين عنده علم منه، فأكرم نزله وأحسن إليه، وسأله أن يكتب كتابا إلى أمير المؤمنين المأمون يشكر سيرته عنده ليزداد فيه أمير المؤمنين رغبة، فكتب كتابا فيه بعد الثناء على أمير المؤمنين: أما بعد، فقد قدمنا على فلان، فوجدناه آخذا بالعزم، عاملا بالحزم، قد عدل بين رعيته، وساوى في أقضيته، أغنى القاصد، وأرضى الوارد، وأنزلهم منه منازل الأولاد، وأذهب ما بينهم من الضغائن والأحقاد، وعمّر منهم المساجد الدائرة، وأفرغهم من عمل الدنيا، وشغلهم بعمل الآخرة، وهم مع ذلك داعون لأمير المؤمنين يريدون النظر إلى وجهه والسلام. فكان معنى قوله: اخذا بالعزم، أي إذا عزم على ظلم أو جور، فعله في الحال، وقوله: قد عدل بين رعيته وساوى في أقضيته، أي أخذ كل ما معهم حتى ساوى بين الغني والفقير، وقوله: عمّر منهم المساجد الدائرة، وأفرغهم من عمل الدنيا، وشغلهم بعمل الآخرة، يعني أن الكل صاروا فقراء لا يملكون شيئا من الدنيا، ومعنى قوله: يريدون النظر إلى وجه أمير المؤمنين، أي ليشكوا حالهم وما نزل بهم. فلما جاء الكتاب إلى المأمون عزله عنهم لوقته، وولّى عليهم غيره.

ومن ذلك ما حكي أن القاضي الفاضل كان له صديق خصيص «٩» به، وكان صديقه هذا قريبا من الملك الناصر صلاح الدين، وكان فيه فضيلة تامة، فوقع بينه وبين الملك أمر، فغضب عليه، وهمّ بقتله، فتسحب إلى بلاد التتر، وتوصل إلى أن صار وزيرا عندهم، وصار يعرف التتر كيف يتوصل إلى الملك الناصر بما يؤذيه، فلما بلغه ذلك نفر منه وقال للفاضل: اكتب إليه كتابا عرّفه فيه أنني أرضى عليه، واستعطفه غاية الاستعطاف إلى أن يحضر، فإذا حضر قتلته، واسترحت منه، فتحير الفاضل بين الاثنين، صديقه يعز عليه، والملك لا يمكنه مخالفته، فكتب إليه كتابا واستعطفه غاية الاستعطاف، ووعده بكل خير من الملك، فلما انتهى الكتاب ختمه بالحمدلة والصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم وكتب إن شاء الله تعالى كما جرت به العادة في الكتب، فشدد «إن» ثم أوقف الملك على الكتاب قبل ختمه، فقرأه في غاية الكمال وما فهم إن، وكان قصد الفاضل إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ

«١٠» ، فلما وصل الكتاب إلى الرجل فهمه، وكتب جوابه بأنه سيحضر عاجلا، فلما أراد أن ينهي الكتاب، ويكتب إن شاء تعالى مد النون وجعل في آخرها ألفا وأراد بذلك إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها

«١١» فلما وصل الكتاب إلى الفاضل فهم الإشارة، ثم أوقف الملك على الجواب بخطه، ففرح بذلك.

وحكي: أن بعض الملوك طلع يوما إلى أعلى قصره يتفرج، فلاحت منه التفاتة، فرأى إمرأة على سطح دار إلى جانب قصره لم ير الراؤون أحسن منها، فالتفت إلى بعض جواريه، فقال لها: لمن هذه؟ فقالت: يا مولاي هذه زوجة غلامك فيروز، قال: فنزل الملك وقد خامره حبها، وشغف بها، فاستدعى بفيروز، وقال له: يا فيروز، قال:

لبيك يا مولاي، قال: خذ هذا الكتاب وامض به إلى البلد الفلانية، وائتني بالجواب، فأخذ فيروز الكتاب، وتوجه إلى منزله، فوضع الكتاب تحت رأسه، وجهّز أمره، وبات ليلته، فلما أصبح ودع أهله وسار طالبا لحاجة الملك، ولم يعلم بما قد دبره الملك، وأما الملك فإنه لما توجه فيروز قام مسرعا وتوجه متخفيا إلى دار فيروز، فقرع الباب قرعا خفيفا، فقالت امرأة فيروز: من بالباب؟ قال: أنا

<<  <   >  >>