الأنبياء ولا رسولا بالرسالة إلا سيد خلقه محمد صلى الله عليه وسلم فإن الله تعالى نادى أبا البشر: يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ
«١» ويا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا
«٢» ويا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا
«٣» ويا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ
«٤» ويا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي
«٥» ، وقال لمحمد صلى الله عليه وسلم: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ
«٦» . يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ
«٧» يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ
«٨» يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ
«٩» يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ
«١٠» يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ
«١١» يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ
«١٢» يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ
«١٣» يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً ٤٥ وَداعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً ٤٦
«١٤» وما ناداه باسمه يا محمد كغيره إلا في أربع مواضع اقتضت الحكمة أن يذكر هناك باسمه محمد صلى الله عليه وسلم. الأول قوله عز وجل: وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ
«١٥» . لأن سبب انزالها أن الشيطان صاح يوم احد قد قتل محمد وكان ما كان فأنزل الله تعالى هذه الآية، ولو قال وما رسولي لقال الأعداء ليس هو محمد فذكره باسمه لأنهم كانوا ينكرون ان اسمه محمدا.
الثاني قوله عز وجل: ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ
«١٦» . الثالث قوله عز وجل: الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ ١ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ
«١٧» .
فلو قال وآمنوا بما نزل على رسولي لقال الأعداء ليس هو فعرفه باسمه محمد صلى الله عليه وسلم. الرابع قوله عز وجل مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ
«١٨» والحكمة في ذكره هنا باسمه أنه سبحانه وتعالى قال قبلها هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ
«١٩» ، فكان من الأعداء من يقول من هو رسوله الذي أرسله فعرفه باسمه فقال مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ
«٢٠» وسماه تعالى باسمه أحمد في موضع واحد وله حكمة وهي أن الله تعالى لما أرسل عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام قال لقومه من بني إسرائيل وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ
«٢١» التي انزلت على موسى وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ
«٢٢» لأنه كانوا يعرفونه في التوراة أحمد فما ناداه سبحانه وتعالى باسمه محمد ولا أحمد وإنما ذكر ذلك إعلاما به وتعريفا له وما ناداه إلا بالنبوة والرسالة فقال: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً ٤٥ وَداعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً ٤٦
«٢٣» منيرا أي شاهدا بالإيمان للمؤمنين ومبشرا لأهل التمجيد ونذيرا لأهل التجحيد، وقيل شاهدا لأهل القرآن ومبشرا لهم بالغفران ونذيرا لأهل الكفر والعصيان. وقيل: شاهدا لأمتك ومبشرا بشفاعتك ونذيرا لمن ارتكب مخالفتك. وقيل:
شاهدا بالمنة ومبشرا بالجنة وقوله: وَداعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ
«٢٤» أي تدعو الناس بأمر الله تعالى إلى لا إله إلا الله. قال تعالى، وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ
«٢٥» وسمى رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه داعيا فقال: أنا الداعي إلى الله، وقوله تعالى: وَسِراجاً مُنِيراً
«٢٦» أي يهتدى به كما يهتدى بالسراج في ظلمة الليل.
فإن قلت: ما الحكمة في قوله تعالى وَسِراجاً مُنِيراً
«٢٧» ولم يقل قمرا منيرا. فالجواب عن ذلك أن السراج أعم من القمر لأن المراد بالسراج هنا الشمس. قال تعالى: وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً
«٢٨» والشمس أعم نفعا ونورا من القمر، وقيل: المراد بقوله تعالى وَسِراجاً مُنِيراً
«٢٩» السراج الذي يقتبس منه لأن القمر لا تصل إليه