فيها؟ فقالت: الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا
«١» فعلمت أن لها أولاد فقلت: وما شأنهم في الحج؟ قالت:
وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ١٦
«٢» فعلمت أنهم أدلاء الركب، فقصدت بها القباب والعمارات فقلت: هذه القباب فمن لك فيها؟ قالت: وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا
«٣» وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً
«٤» يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ
«٥» فناديت يا إبراهيم يا موسى يا يحيى فإذا أنا بشبان كأنهم الأقمار قد أقبلوا، فلما استقر بهم الجلوس قالت: فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ
«٦» فمضى أحدهم فاشترى طعاما فقدموه بين يدي فقالت:
كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ ٢٤
«٧» فقلت: الآن طعامكم علي حرام حتى تخبروني بأمرها، فقالوا: هذه أمنا لها منذ أربعين سنة لم تتكلم إلا بالقرآن مخافة أن تزل فيسخط عليها الرحمن، فسبحان القادر على ما يشاء، فقلت: ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ
«٨» والله أعلم بالصواب وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الباب الثامن في الأجوبة المسكتة والمستحسنة ورشقات اللسان وما جرى مجرى ذلك
قيل: أن معن بن زائدة دخل على المنصور، فقال له:
هيه يا معن تعطي مروان بن أبي حفصة مائة ألف على قوله:
معن بن زائدة الذي زادت به ... شرفا على شرف بنو شيبان
فقال كلا يا أمير المؤمنين إنما أعطيته على قوله:
ما زلت يوم الهاشمية معلنا ... بالسيف دون خليفة الرحمن
فمنعت حوزته وكنت وقاءه ... من وقع كلّ مهند وسنان «٩»
فقال: أحسنت والله يا معن وأمر له بالجوائز والخلع.
ووفد ابن أبي محجن على معاوية، فقام خطيبا فأحسن، فحسده معاوية وأراد أن يوقعه، فقال له: أنت الذي أوصاك أبوك بقوله:
إذا متّ فادفني إلى جنب كرمة ... تروّي عظامي بعد موتي عروقها
ولا تدفنني في الفلاة فإنني ... أخاف إذا ما متّ أن لا أذوقها
وقال: بل أنا الذي يقول أبي:
لا تسأل الناس ما مالي وكثرته ... وسائل الناس ما جودي وما خلقي
أعطي الحسام غداة الروع حصّته ... وعامل الرمح أرويه من العلق «١٠»
وأطعن الطعنة النجلاء عن عرض ... وأكتم السرّ فيه ضربة العنق
ويعلم الناس أنّي من سراتهم ... إذا سما بصر الرعديد بالفرق «١١»
فقال له معاوية: أحسنت والله يا ابن أبي محجن، وأمر له بصلة وجائزة.
وقيل: أخذ عبد الملك بن مروان بعض أصحاب شبيب الخارجي «١٢» ، فقال له: ألست القائل:
ومنّا شريد والبطين وقعنب ... ومنا أمير المؤمنين شبيب
فقال: يا أمير المؤمنين إنما قلت ومنا يا أمير المؤمنين شبيب، وأردت بذلك مناداة لك. فكان ذلك سببا لنجاته.
ودخل شريك بن الأعور على معاوية وكان دميما، فقال