الخطاب رضي الله تعالى عنه أنه قال وهو على المنبر: «إن الرجل ليشيب عارضاه في الإسلام وما أكمل لله تعالى صلاة» قيل: وكيف ذلك؟ قال: «لا يتم ركوعها وسجودها وخشوعها وتواضعه وإقباله على الله فيها» . وقالت عائشة رضي الله تعالى عنها: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثنا ونحدثه فإذا حضرت الصلاة فكأنه لم يعرفنا ولم نعرفه» . وقيل للحسن «١» : ما بال المتهجدين من أحسن الناس وجوها؟
فقال: «لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم نورا من نوره» . وقال بعضهم: «لا تفوت أحدا صلاة في جماعة إلا بذنب» .
وكانت رابعة العدوية تصلي في اليوم والليلة ألف ركعة، وتقول: والله ما أريد بها ثوابا ولكن ليسر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويقول للأنبياء عليهم الصلاة والسلام:
أنظروا إلى امرأة من أمتي هذا عملها في اليوم والليلة. وقال بعضهم: صليت خلف ذي النون المصري، فلما أراد أن يكبر رفع يديه وقال: «الله» ثم بهت وبقي كأنه جسد لا روح فيه إعظاما لربه جل وعلا، ثم قال: «الله أكبر» فظننت أن قلبي انخلع من هيبة تكبيره. وقيل: أوحى الله تعالى إلى داود عليه السلام: يا داود كذب من ادّعى محبتي. وإذا جنّ عليه الليل نام عني، أليس كل محب يحب الخلوة بحبيبه؟.
ولعبد الله بن المبارك رضي الله تعالى عنه:
إذا ما الليل أظلم كابدوه ... فيسفر عنهم وهم ركوع «٢»
أطار الخوف نومهم فقاموا ... وأهل الأمن في الدنيا هجوع «٣»
وكان سيدي الشيخ الإمام العلامة فتح الدين بن أمين الدين الحكم التحريري رحمه الله، كثيرا ما يتمثل بهذه الأبيات:
يا أيها الراكد كم ترقد ... قم يا حبيبي قد دنا الموعد
وخذ من الليل ولو ساعة ... تحظى إذا ما هجع الرقد
من نام حتى ينقضي ليله ... لم يبلغ المنزل لو يجهد
وكان سيدي أويس القرني «٤» لا ينام ليلة ويقول: «ما بال الملائكة لا يفترون ونحن نفتر» وقال حذيفة رضي الله عنه:
«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة» «٥» وقال هشام بن عروة: «كان أبي يطيل المكتوبة «٦» ويقول هي رأس المال» .
وقال أبو الطفيل: «سمعت أبا بكر الصديق رضي الله تعالى عنه يقول: «يا أيها الناس قوموا إلى نيرانكم فأطفئوها، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الصلاة إلى الصلاة كفارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر» . وجزّأ محمد بن المنكدر، عليه وعلى أمه وعلى أخته، الليل أثلاثا، فماتت أخته. فجزأه عليه وعلى أمه، فماتت أمه. فقام الليل كله.
وكان مسلم بن بشار إذا أراد أن يصلي في بيته يقول لأهله:
تحدثوا فلست أسمع حديثكم. وكان إذا دخل البيت سكت أهله فلا يسمع لهم كلام. فإذا قام إلى الصلاة تحدثوا وضحكوا ووقع حريق إلى جنبه وهو في الصلاة فما شعر به حتى أطفىء، وكان الحمام يقع على رأس ابن الزبير في المسجد الحرام يحسبه جذعا منصوبا لطول انتصابه في الصلاة. وكانت العصافير تقع على ظهر إبراهيم بن شريك وهو ساجد كما تقع على الحائط.
وختم القرآن في ركعة واحدة، أربعة من الأئمة:
عثمان بن عفان وتميم الداري، وسعيد بن جبير وأبو حنيفة رضي الله تعالى عنهم.
ورأى الأوزاعي شابا بين القبر والمنبر، فلما طلع الفجر استلقى ثم قال: عند الصباح يحمد القوم السّرى «٧» .
فقال: يا ابن أخي لك ولأصحابك لا للجمّالين.
وكان خلف بن أيوب لا يطرد الذباب عن وجهه في الصلاة، فقيل له: كيف تصبر؟ فقال: «بلغني أن الفساق