"يقيمون" تقتضي الدوام إلى الختم، وإدامة العمل إلى الختم تقتضي ظهوره عن فطرة أو جبلة، وأنه ليس عن ئعمل ومراءاة، وعند ذلك يكون علما على الجزاء، و"الصلاة" الإقبال بالكلية على أمر، فتكون من الأعلى عطفا شاملا، ومن الأدنى وفاء بأنحاء التذلل، والإقبال بالكلية على التلقي، وإيمانهم بالغيب قبولهم من النبي، - صلى الله عليه وسلم -، ما تلقاه بالوحي من أمر غائب الدنيا الذي هو الآخرة وما فيها، وأمر غائب الملكوت وما فيه، إلى غيب الجبروت وما به، بحيث يكون عملهم على الغائب الذي تلقته قلوبهم على سبيل آذانهم، كعملهم على ما تلقته أنفسهم على سبيل أعينهم، وسائر حواسهم، وداموا على عملهم ذلك على حكم إيمانهم إلى الخاتمة.
ولما كانت الصلاة التزام عهد العبادة مبنيا على تقدم الشهادة متممة بجماع الذكر وأنواع التحيات لله، من القيام له، تعالى، والركوع له والسجود الذي هو أعلاها، والسلام بالقول الذي هو أدنى التحيات، كانت لذلك تعهدا للإيمان وتكرارا، ولذلك من لم يدم الصلاة ضعف إيمانه، وران عليه كفر، فلا إيمان لمن لا صلاة له، [والتقوى وحده أصل] والإيمان فالصلاة ثمرته، والإنفاق خلافة، ولذلك البخل عزل عن خلافة الله، {وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} وهذا الأمر بتمامه هو الذي جعلت الخلافة لآدم به إلى ما وراء ذلك من كمال أمر الله الذي أكمله بمحمد، - صلى الله عليه وسلم -، فالتقوى قلب باطن، والإنفاق وجه ظاهر. والإيمان فالصلاة وصلة بينهما.