اعلم أن الوفاء بقراءة حرف النهي تماما، يفرغ لقراءة حرف الأمر، لأن المقتنع في معاش الدنيا يتيسر له التوسع في عمل الأخرى، والمتوسع في متاع الدنيا لا يمكنه التوسع في عمل الأخرى، لما بينهما من التضار والتضاد.
والذي تحصل به قراءة هذا الحرف:
أما من جهة القلب: فالتوحيد والإخلاص، وأعم ذلك البراءة من الشرك العظيم، بأن لا يتخذ مع الله إلها آخر، لأن المشرك في الإلهية لا تصح منه المعاملة بالعبادة. {مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ}.
وأخص منه الإخلاص بالبراءة من الشرك الجلي، بأن لا يرى لله شريكا في شيء من أسمائه الظاهرة، لأن المشرك، في سائر أسمائه الظاهرة، لايصح له القبول، والذي يحلف به عبد الله بن عمر، لو أن لأحدهم مثل أحد ذهبا فأنفقه ما قبل الله منه، حتى يؤمن بالقدر.