لأنه لو كان هو المؤمن لذكر بالصفة المقابلة لما نفى عنه، لما في ذلك من مغني إثبات الوصف ونفي مقابله، ومثل هذا كثير الدور في خطاب القرآن، وبين من له الوصف ومن هو منه تفاوت ما بين السابق واللاحق في جميع ما يرد من نحوه، يعني ومثل هذا التفاوت ظاهر للفهم، خفي عن مشاهد هذا العلم، لأن العلم من العقل بمنزلة النفس، والفهم من العقل بمنزلة الروح، فللفهم مدرك لايناله العلم، كما أن للروح معتلي لاتصل إليه النفس، لتوجه النفس إلى ظاهر الشهود، ووجهة الروح إلى على الوجود - انتهى.
قال الْحَرَالِّي: فلقن العرب الاميين المحسودين على ما آتاهم الله من فضله، نسق ما أجرى من لفظ بني إسرائيل في عهده لهم، فكان فيه وصل العرب الذين هم أبناء إسماعيل بإبراهيم وبنيه، وقطع بني إسرائيل عنهم، وفيه إظهار لمزية فضل الله على العرب، حين يلقنهم ولا يستنطقهم، فيقصروا في مقالهم، فأغناهم بما لقنهم، فتلوه عما كانوا يقولونه لو وكلوا إلى أنفسهم فسكنهم ربهم، فأقرأهم ما يصلح من القول لهم، وقال:{وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ} تكملة لما تقدم في العهد السابق - انتهى.
{وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}
قال الْحَرَالِّي: فأجرى على ألسنة الذين آمنوا من هذه الأمة تلقينا لهم ما أجراه على ألسنة الأسباط قولا منهم، فكانت العرب أحق بهم من أبناء إسرائيل بما استووا في الدين، وإن افترقوا في نسب الإسرائيلية - انتهى.