للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولما كان للعرب ولع بالذكر لآبائهم، ولوقائعهم ولأيامهم، جعل، سبحانه وتعالى، ذكره لهم عوض ما كانوا يذكرون، كما جعل كتابه عوضا من أشعارهم، وهز عزائمهم لذلك بما يسرهم به من ذكره لهم - انتهى.

{إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}

قال الْحَرَالِّي: وأيسر الصبر صبر النفس عن كسلها، بأخذها بالنشاط فيما كلفت به، {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} و {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} فمتى يسر الله، سبحانه وتعالى، عليها الجد والعزيمة جعل لها فيما كانت تصبر عليه في الابتداء الاستحلاء فيه، وخفت عنها وظيفة الصبر، ومتى لم تصبر في كسلها، وعلى جدها تدنست فنالها عقوبات يكون الصبر عليها أشد من الصبر الأول، كما أن [من] صبر عن حلو الطعام لم يحتج أن يصبر على مر الدواء، فإن تحملت الصبر على عقوبات ضياع الصبر الأول، تداركها نجاة من اشتداد العقوبة عليها، وإن لم تتصبر على تلك العقوبات وقعت في مهالك شدائد العذاب، فقيل لأهلها: {فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ}.

ثم قال: فبداية الدين صبر، وخاتمته يسر، فإن من كان من الله، سبحانه

<<  <   >  >>