وقال الْحَرَالِّي: لما ذكر، سبحانه وتعالى، أحكام الأشتجار بين الأزواج التي عظم متنزل الكتاب لأجلها، وكان من حكم تواشج الأزواج وقوع الولد، وأحكام الرضاع، نظم به عطفا أيضا على معاني ما يتجاوزه الإفصاح، ويتضمنه الإفهام، لما قد علم من أن إفهام القرآن أضعاف إفصاحه، بما لا يكاد ينتهي عده، فلذلك يكثر فيه الخطاب عطفا، أي على غير مذكور، ليكون الإفصاح أبدا مشعرا بإفهام يناله من وهب روح العقل من الفهم، كما ينال فقه الإفصاح من وهبه الله نفس العقل الذي هو العلم - انتهى.
{يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ}
قال الْحَرَالِّي: جعل، تعالى، الأم أرض النسل الذى يغتذي من غذائها في البطن دما، كما يغتذي أعضاؤها من دمها، فكان لذلك لبنها أولى بولدها من غيرها، ليكون مغذاه وليدا من مغذاه جنينا، فكان الأحق أن يرضعن أولادهن. وذكره بالأولاد ليعم الذكور والإناث.
وقال: الرضاعة: التغذية، بما يذهب الضراعة، وهو الضعف والنحول، بالرزق الجامع الذي هو طعام وشراب، وهو اللبن الذي مكانه الثدي من المرأة والضرع من ذات الظلف - انتهى.