يترتب عليه فعل ظاهر، فوقع التحذير فيه على الفعل، كرر فيه التحذير على ما وراء الفعل مما في الصدور، [و -] نبيه فيه على منال العلم خفية، فإنه قد يترك الشيء فعلا ولا تترك النفس الغية صغوا ونزوعا إليه في أوقات، وكرر في ختمه التحذير، ليتثنى التحذيران ترقيا من الظاهر في الفعل إلى باطن الحماية في العلم، كما تثنى الأمران في الظاهر والباطن، وكان في إجراء هذا الخطاب على لسان النبي، - صلى الله عليه وسلم -، حجة عليهم بما أنه بشر مثلهم، يلزمهم الاقتداء به فيما لم يبادروا إلى أخذه من الله في خطابه الذي عرض به نحوهم - انتهى.
{لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا}
قال الْحَرَالِّي: وأصله مقدار ما يستوفي جهد الفرس من الجري، فهو مقدار ما يستوفي ظهور ما في التقدير إلى وفاء كيانه، {بَعِيدًا} من البعد، وهو منقطع الوصلة في حس أو معنى - انتهى.
{وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ}
قال الْحَرَالِّي: أن تكون لكم أنفس فتجد ما عملت، ويلزمها وطأة هذه المؤاخذة، بل الذي ينبغي أن يبرأ العبد من نفسه تربئته من أن يكون له إرادة، وأن يلاحظ علم الله وقدرته في كلية ظاهره وباطنه، وظاهر الكون وباطنه - انتهى.