هذا الحرف لإحاطته أنزل وترا، وسائر الحروف أشفاع، لاختصاصها.
ووجه إنزاله تفهيم ما غمض من المغيبات، بضرب مثل من المشهودات، ولما كان للأمر تنزلات، وللخلق تطورات، كان الأظهر منها مثلا لما هو دونه في الظهور، وكلما ظهر ممثول صار مثلا لما هو أخفى منه، فكان لذلك أمثالا عدداً، منها مثل ليس بممثول لظهوره، وممثولات تصير أمثالا لما هو أخفى منها، إلى أن تنتهي الأمثال إلى غاية محسوس أو معلوم، فتكون تلك الغاية مثلا أعلى، كالسموات والأرض فيما يحس، والعرش والكرسي فيما يعلم، {وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}. {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ}.
وذلك المثل الأعلى لإحاطته اسمه الحمد {وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} وأحمده أنهاه وأدناه إلى الله، بحيث لا يكون بينه وبين الله واسطة، فلذلك ما استحق أكمل الخلق وأجمعه، وأكمل الأمر وأجمعه الاختصاص بالحمد، فكان [أكمل الأمر سورة الحمد، وكان] أكمل الخلق "صورة محمد" "كان خلقه