قال الْحَرَالِّي: فيه إعلام بأنه ليس للأنبياء من الهدايه شيء، وإنما هم مستجلون لأمر جبلات الخلق وفطرهم، فيبشرون من فطر على خير، وينذرون من جبل على شر، لا يستأنفون أمرا لم يكن، بل يظهرون أمرا كان مغيبا، وكذلك حال كل إمام عالم في زمانه، يميز الله الخبيث من الطيب - انتهى.
{وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ}
قال الْحَرَالِّي: إبراما لثني الأمر المضاعف، ليكون الأمر بشاهدين أقوى منه بشاهد واحد، فقد كان في الرسول كفاية، وفي الكتاب وحده كفاية، لكن الله، تعالى، ثنى الأمر وجمع الكتاب والرسول لتكون له الحجة البالغة - انتهى.
{مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ}
قال الْحَرَالِّي: الجامعة لآيات ما في المحسوس وآيات ما في المسموع، فلذلك كانت البينات مكملة لاجتماع شاهديها - انتهى.
{بَغْيًا بَيْنَهُمْ}: والبغي إعمال الحسد بالقول والفعل، قال، عليه الصلاة والسلام:"ثلاث لا يسلم منهن أحد" ومنهن متحلى الحسد والطيرة والظن، فإذا حسدت فلا تبغ، لأن الحسد واقع في النفس كأنها مجبولة عليه،