هذين الخطابين بيان أن كلمة {النَّاسِ} واقعة على سن من أسنان القلوب، وكلمة {الَّذِينَ آمَنُوا} واقعة على سن فوقه، وليس يقع على عموم يشمل جميع الأسنان القلبية، فتوهم ذلك من أقفال القلوب التي تمنع تدبر القرآن، لأن خطاب القرآن يتوجه لكل أولي سن [على حسب سن] قلوبهم، لا يصلح خطاب كل سن إلا له، يتقاصر عنه من دونه، ولا يحتاج إليه من فوقه، وهي أسنان متعددة: سن الإنسان، ثم سن الناس، ثم سن الذين آمنوا، ثم سن الذين يؤمنون، ثم سن المؤمنين، [ثم سن المؤمنين] حقا، ثم سن المحسنين، هذه أسنان سبعة، خطاباتها مترتبة بعضها فوق بعض، ومن وراء ذلك أسنان فوقها، من سن الموقنين، وما وراء ذلك إلى أحوال أثناء هذه الأسنان، من حال الذين أسلموا والمسلمين، ومن يوصف بالعقل والذكر والفكر والسماع، وغيرذلك من الأوصاف التي تلازم تلك الأسنان في رتب متراقية لايشمل أدناها أعلاها، ولاينهض أدناها لرتبة خطاب أعلاها، إلى ما وراء ذلك من خصوص خطاب النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فيه، بما لا يليق إلا به، وبمن هو منه من إله.
وفي انتظام تفصيل هذه الرتب جامعة لما يقع من معناه في سائر القرآن - انتهى.
{وَاشْكُرُوا لِلَّهِ}
وقال الْحَرَالِّي: ولما كان هذا الخطاب منتظما لتناول الطبيب والشكر، وحقيقته البذل من الطيب، فشكر كل نعمة إظهارها على حدها