البلاغ إلى فوق العشر وإلى المائة، كأنه المفسر في قوله بعد هذا:{مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} الآية. فأوصل تخصيص هذه الكثرة إلى المئين، ثم فتح باب التضعيف إلى ما لا يناله علم العالمين، في قوله:{وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} - انتهى.
{وَاللَّهُ يَقْبِضُ}
قال الْحَرَالِّي: والقبض إكمال الأخذ، أصله القبض باليد كله، والقبض - بالمهملة - أخذ بأطراف الأصابع، وهو جمع عن بسط، فلذلك قوبل به {وَيَبْسُطُ} أي لمن يشاء، وإن ضاقت حاله، والبسط توسعة المجتمع إلى حد غاية. {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} حسا بالبعث، ومعنى في جميع أموركم، فهو يجازيكم في الدارين على حسب ما يعلم من نياتكم.
{أَلَمْ تَرَ}
قال الْحَرَالِّي، أراه في الأولى حال أهل الحذر من الموت، بما في الأنفس من الهلع الذي حذرت منه هذه الأمة، ثم أراه في هذه مقابل ذلك من الترامي إلى طلب الحرب، وهما طرفا انحراف في الأنفس، قال، - صلى الله عليه وسلم -: "لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية، فإذا لقيتموه فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف".
ففيه إشعار لهذه الأمة بأن لا تطلب الحرب ابتداء، وإنما تدافع عن منعها من إقامة دينها، كما قال، سبحانه وتعالى:{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا} وقال، عليه الصلاة والسلام: