للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قائلهم: {نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ} لكن لما كان رؤيتهم لذلك عن رؤية مشهود العذاب الذي هو أتم العذاب، ذكر العذاب الذي هو ظاهر مرأى أن القوة لله جميعا، وفي {أَنَّ الْقُوَّةَ} إعلام باطلاعهم يوم هذه الرؤية على بواطن أندادهم، وسلبها ما شأن البواطن أن تتحلى به من القوة، من حيث وصفهم لهم بالحب الباطن، أطلعهم على سلب قواهم الباطنة بالرؤية التي هي باطن البصر الذي هو باطن النظر.

ولما ذكر أمر القوة عطف عليه ما هو أمر القدرة فقال: {وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ} إكمالا للخطاب بظاهره، واستأنف معه الاسم العظيم لإظهار ما بين غايتي الباطن والظاهر في أمر القدرة والقوة، ليكون مع المنظر الظاهر بالقدرة اسم أظهره واستأنفه وقدم ذكره، كما كان مع المرأى الباطن بالقوة اسم أضاف إليه وأنهى له، ليقع ما ولى أول الخطاب مقابل ما ختم به الخطاب، فينعطف أوله على آخره، وآخره على أوله، باطنا لظاهر، وظاهراً لباطن، في المتعاطفين جميعا في قوله: {أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ} - انتهى.

{إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا}

وقال الْحَرَالِّي: قال ذلك إظهاراً لإفصاح ما أفهمه مضمون الخطاب الأول، لتتسق الآيات بعضها ببعض، فتظهر الآية ما في ضمن سابقتها، وتجمع الآية ما في تفصيل لاحقتها، وإعلاء للخطاب

<<  <   >  >>