رزق الإيمان من ذريته وذرية ابنه، فإن الإسلام لما كان ظاهر الدين، كان سريع الانثلام لأجل مضايقة أمر الدنيا، وإنما يتم الإسلام بسلامة الخلق من يد العبد ولسانه، والإلقاء بكل ما بيده لربه، مما ينازع فيه وجود النفس ومتضايق الدنيا، ولذلك هو مطلب لأهل الصفوة في خاتمة العمر، ليكون الخروج من الدنيا عن إلقاء للحق، وسلامة للخلق.
{وَأَرِنَا مَنَاسِكَ} والمنسك مفعل من النسك، وهو مايفعل قربة وتدينا، تشارك حروفه حروف السكون. قاله الْحَرَالِّي.
{وَيُزَكِّيهِمْ} والتزكية: إكساب الزكاة، وهي نماء النفس بما هو لها بمنزلة الغذاء للجسم. قاله الْحَرَالِّي.
{الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} لأن العزة، كما
قال الْحَرَالِّي: الغلبة الآتية على كلية الظاهر والباطن.
{إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ}
قال الْحَرَالِّي: والسفاهة: خفة الرأي في مقابلة ما يراد منه من المتانة والقوة، وفي نصب النفس إنباء بلحاق السفاهة بكلية ذي النفس، لأن من سفهت نفسه اختص السفه بها، ومن سفه نفسه - بالنصب - استغرقت السفاهة ذاته وكليته، وكان بدء ذلك وعاديته من جهة نفسه، يفهم ذلك نصبها، وذلك لأن الله، عز وجل، جعل النفس مبدأ كل شر أبداه في ذات ذي النفس، فإنه، تعالى، يعطي الخير بواسطة وبغير واسطة، ولا يحذى الشر إلا بواسطة نفس، ليكون في ذلك حجة الله على خلقه، وإنما استحق السفاهة من يرغب عن ملة إبراهيم لظهور