ووجه ترتب الإيمان بالغيب على التقوى أن المتقي لما كان متوقفا غير متمسك بأمر، كان أذا أرشد إلى غيب لايعلمه، لم يدفعه بمقتضى ما تقدم له علمه؛ ووجه ترتب الإنفاق على الإيمان بالغيب أن المدد غيب، لأن الإنسان لما كاد لا يطلع على جميع رزقه، كان رزقه غيبا. فإذا أيقن بالخلف جاد بالعطية، فمتى أمد بالأرزاق تمت خلافته، وعظم فيها سلطانه، وانفتح له باب إمداد برزق أعلى وأكمل من الأول، فإذا أحسن الخلافة فيه بالإنفاق منه أيضا، انفتح له باب إلى أعلى إلى أن ينتهي إلى حيث ليس وراءه مرأى. وذلك هو الكمال المحمدي.
وإن بخل فلم ينفق، واستغنى بما عنده، فلم يتق فكذب، تضاءل أمر خلافته، وانقطع عنه المدد من الأعلى، فبحق سمي الإنفاق زكاة، وفي أول الشورى كلام في الإيمان عن علي، رضي الله عنه، نفيس. انتهى.
{وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ}
قال الْحَرَالِّي: الآخرة معاد الأمر بعد تمامه على أوليته. انتهى.
والإيقان، كما
قال الْحَرَالِّي: صفاء العلم وسلامته من شوائب الريب ونحوه، من يقن الماء، وهو ما نزل من السماء فانحدر إلى كهف جبل فلم يتغير من قرار ولا وارد انتهى.
{وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}
قال الْحَرَالِّي: وخرج الخطاب في هذه الآية مخرج المخاطبة للنبي، - صلى الله عليه وسلم -، ومخرج إحضار المؤمنين بموضع الإشارة، وهي مكانة حضرة دون مكانة حضرة المخاطب. انتهى.
قال الْحَرَالِّي: فحصل بمجموع قوله: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ} إلى آخره، وبقوله: