للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وانقطاعا إلى ربه، ثم يرونهم أنهم شهدوا الإله مصورا محسوسا، على أن موسى الذي ناجاه ربه منع الرؤية، فكيف بهم؟! وذلك هو ظلمهم، فوضعوا الإله محل الشيء المحسوس، وهو، تعالى، قد تعالى عن أن يراه صفيه الذي ناجاه في دنياه، وإنما ناجاه بعد ميقاته، وهم يهمون في تأله مرئي من غير مواعدة ولا اختصاص! وفي قوله تعالى: {مِنْ بَعْدِهِ} أي من بعد إتيانه لميعادنا إضمار لذكر موسى، عليه السلام، تقريرا لما كان ينبغي أن يكونوا عليه من الارتقاب لما يأتيهم به موسى من فوائد المناجاة، كما يكون من تعلق قلبه بمن هو قدوته، والبعد بعد عن حد يتخذ مبدأ، ليكون سابقه قبل، ولا حقه بعد - انتهى.

{ثُمَّ عَفَوْنَا}

وقال الْحَرَالِّي: ثم تجاوز الخطاب ما أصابهم من العقوبة على اتخاذهم إلى ذكر العفو تقريرا على تكرر تلافيهم حالا بعد حال، وقتا بعد وقت، كلما أحدثوا خطيئة تداركهم منه عفو، وخصه باسم العفو لما ذكر ذنوبهم، لأن المغفور له لا يذكر ذنبه، فإن العفو رفع العقوبة دون رفع ذكرها، والغفر إماتة ذكر الذنب مع رفع العقوبة. - انتهى.

وفي قوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ} أي الذنب العظيم، إشعار بما أصابهم من العقوبة،

<<  <   >  >>