للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في اليم. {أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} هي كمال وقت الليل، والليل وقت انطماس المدركات الظاهرة - انتهى.

قال الْحَرَالِّي: وفيه إشعار بأن المناجاة إنما يتهيأ لها لميقات حبس النفس عما به قوامها، وكمال ذلك إنما هو الصوم، وكمال العدد الذي هو طور مصير من حال إلى حال، وهو الأربعون، وذكر الميقات بالليالي يشعر أن مناجاته صباح من ظلمة الكون، في حال خصوص الخلقة، من حيث إن الظلمة آية على فوت مرام نور الحق، والنهار آية على ظهور نور الحق، وأول باد بدأ من الحق للخلق كلامه لمصطفى من خلقه بغير واسطة، وهو بعد في دنياه، وفي أرضه التي كانت سجنا، فلما جاءها الحق لعبد من عبيده مناجيا له، كما ياتيها يوم الجزاء بعد البعث، صارت موطن رحمة وهدى ونرر، وهو مجيئ الله، سبحانه، من سيناء المذكور في الكتاب الأول - انتهى.

{ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ}

قال الْحَرَالِّي: من الاتخاذ، وهو افتعال مما منه المواخذة، كأنه الوخذ، وهو تصيير في المعنى نحو الأخذ في الحس، وفيه تكلف. {الْعِجْلَ} وذكر في هذا التقرير أصل المواعدة، وذكر الميقات، وتجاوز الخطاب ما بعد ذلك من مهل، حسبما تفهمه كلمة "ثم". فاقتضى إفهام ذلك ما نالوه من الخير، ثم تعقبوا ذلك بالتزام عادتهم في معاودة ما اعتادوه من أعمالهم إلى أدنى عمل من لا عقل له، ولا بقية نظر له، من اتخاذ جسد عجل إلها، بعد معرفة آثار الإلهية على الغيب، ففيه تعجيب من أن موسى، عليه السلام، إنما واعده الله بالمناجاة بعد ميقات أربعين صوما ونسكا وتحنتا

<<  <   >  >>