للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وصلها إثبات معنى الرحمة لله ثبتا لا يتبدل ولا يتغير، إلا أنه من وراء غيب ما شاء الله من أدب وامتحان وعقاب، فلذلك ختمه باسمه الرحيم، لأن الختم أبدى إظهار للمعنى الأخفى من مضمون ما فيه الختم - انتهى.

{لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ} لن: وهي كلمة تفهم نفي معنى باطن، كأنها "لا أن" يسر بالتخفيف لفظها. قاله الْحَرَالِّي.

قال الْحَرَالِّي: وجاء باللام لأنهم قد كانوا آمنوا به، فتوقفوا عن الإيمان له الذي يتعلق بأمور من تفاصيل ما يأتيهم به، فمن آمن لأحد فقد آمن بأمور لأجله، ومن آمن يه فقد قبل أصل رسالته. {يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ}.

{حَتَّى} كلمة تفهم غاية محوطة يدخل ما بعدها في حكم ما قبلها، مقابل معنى لكن.

{نَرَى} من الرؤية، وهي اطلاع على باطن الشيء الذي أظهر منه مبصره، الذي أظهره منه منظره، ومنه يقال في مطلع المنام: رؤيا، لأن ذوات المرئي في المنام هي أمثال باطنه في صورة المنظور إليه في اليقظة - انتهى.

{اللَّهَ جَهْرَةً}

قال الْحَرَالِّي: من الجهر، وهو الإعلان بالشيء إلى حد الشهرة وبلاغه لمن لا يقصده، قي مقابلة السر المختص بمن يقصد به، وهذا المطلوب مما لا يليق بالجهر، لتحقق اختصاصه بمن يكشف له الحجاب من خاصة من يجوزه القرب، من خاصة من يقبل عليه النداء، من خاصة من يقع عنه الإعراض، فكيف أن يطلب ذلك جهرا، حتى يصله من هو في محل البعد والطرد! وفيه شهادة بتبلدهم عن

<<  <   >  >>