للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والنار، فأظهر منها الصور {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} ثم أظهر، سبحانه وتعالى، قهره بإماتته وإفناء صوره، "كل ابن آدم ياكله التراب إلا عجب الذنب، منه خلق، وفيه يركب" فكان بددها في أربعة أقطار: شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، أدى خليله، عليه الصلاة والسلام، كيف يدعو خلقه من أقطار آفاقه الأربعة بعد بددها واختلاطها والتئام أجزائها على غير حدها.

يقال إن عليا، رضي الله تعالى عنه، ضرب بيده على قدح من فخار فقال: كم فيه من خد أسيل، وعين كحيل! {قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ}.

فأرى خليله، عليه الصلاة والسلام، مثلا من جملة ذلك {قَالَ فَخُذْ} بالفاء تحقيقا لمقاله، وتصديقا فيما تحقق من إيمانه، وإبداء لاستحقاقه اليقين والطمأنينة بتقرر إيمائه. {أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ} هو اسم جمع من معنى ما منه الطيران، وهو الخفة من ثقل ماليس من شأنه أن يعلو في الهواء، جعل، تعالى، المثل من الطير، لأن الأركان المجتمعة في الأبدان طوائر تطير إلى أوكارها ومراكزها التي حددها الله، تعالى، لها، جعلا فيها، لا طبعا واجبا منها، فإن الله، عز وجل، هو الحكيم الذي جعل الحكمة، فمن أشهده الحكمة وأشهده أنه جاعلها فهو حكيمها، ومن أشهده الحكمة الدنياويه، ولم يشهده أنه جاعلها فهو جاهلها. فالحكمة شهود الحكمة مجعولة

<<  <   >  >>