للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى سبحانه، هو الأحد الذي لا يعد ولا يحد، وكان من تنزل تجليه لعباده أنه الإله الواحد، والواحد بريء من العد، فكان أول ظهور الخلق هو أول ظهور العد، فأول العدد الاثنان {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ} فالاثنان عد هو خلق كل [واحد] منهما واحد، فجعل تعالى اثنين كل واحد منهما اثنان، لتكون الاثنينية فيه كلا وجزء، فيكون زوجا من زوج، فكان ذلك العد هو الأربع، فجعله الله، سبحانه وتعالى، أصلا لمخلوقاته، فكان جملتها وتره، فجعل الأقوات من أربع: {وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ} وجعل الأركان التي خلق منها صور المخلوقات أربعا، وجعل الأقطار أربعا، وجعل الأعمار أربعا، وقال، عليه الصلاة والسلام: "خير الرفقاء أربعة، وخير البعوث أربعون، وخير السرايا أربعمائة، وخير الجيوش أربعة آلاف" والمربعات في أصول الخلق وكثيرة، تتبعها العلماء، واطلع عليها الحكماء {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ} الآية.

ولما كان خلق آدم وسائر المخلوقات من مداد الأركان التي هي: الماء والتراب، والهواء

<<  <   >  >>