آية عليه، ويكون تصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض آيات على تصريف ما بين أرض العبد الذي هو ظاهره، وسمائه الذي هو باطنه، وتسخير بعضه لبعض ليكون ذلك آية على علو الله على سمائه العلي في الحس، وعلى سماء القلوب العلية في الوجدان.
فلجملة ذلك جعل، تعالى، صنوف هذه الاعتبارات {لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ} وهم الذين يقومون في الأمر حق القيام، ففيه إشعار بأن ذلك لا يناله من هو في سن الناس، حتى يتنامى طبعه وفضيلة عقله، إلى أن يكون من قوم يقومون في الاعتبار قيام المنتهضين في أمور الدنيا، لأن العرب عرف استعمالها في القوم إنما هو لأجل النجدة والقوة، حتى يقولون: قوم أو نساء، تقابلا بين المعنيين، وذكر، تعالى، العقل الذي هو نور من نوره هدى لمن أقامه من حد تردد حال الناس إلى الاستضاءة بنوره في قراءة حروف كتابه الحكيم، التي كتبها بيده، وأغنى الأميين، بقراءة ما كتب لهم، عن قراءة كتاب ما كتبه الخلق - انتهى.
{وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ}
وقال الْحَرَالِّي: ولما استحق القوم القائمون في أمر الله، سبحانه وتعالى، هذا الاعتبار بما آتاهم الله من العقل، لم يكن من اتخذ من دون الله أندادا مما يقال فيهم: قوم، بل يقصرون إلى اسم النوس الذي هو تردد وتلدد، فكأنه، سبحانه وتعالى، عجب ممن لم يلحق بهؤلاء القوم في هذا الاعتبار الظاهرة شواهده، البينة آثاره، فأنبأ أن طائفة من الناس، على المقابلة من ذلك الاعتبار الظاهر لنور العقل في أخذهم لمقابل العقل، من الحرق الذي يقدم