في موضع الإحجام، ويحجم في موضع الإقدام، ثم غلب ذلك عليهم حتى وصل إلى بواطنهم [فصار حبا كأنه وصلة بين بواطنهم] وقلوبهم وما اتخذوه من دون الله أندادا.
ففيه إشعار بنحو مما أفصح به لبني إسرائيل في كون قلوبهم كالحجارة أو أشد قسوة، ففي كرم هذا الخطاب في حق العرب ستر عليهم، رعاية لنبيهم في أن يصرح عليهم بما صرح على بني إسرائيل، ففي لحنه إشعار بأن من اتخذ [ندا] من دون الله فتلك لوصلة بين حال قلبه وحال ما اتخذ من دون الله، فمن عبد حجرا فقلبه في القلوب حجر، ومن عبد نباتا فقلبه في القلوب نبات، وكذا من عبد دابة، {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ} كذلك إلى ما يقع معبودا من دون الله مما بين أعلى النيرين، الذي هو الشمس، إلى أدنى الأوثان، إلى ما يقع في الخلق من عبادة بعضهم بعضا، من نحو عبادة الفراعنة والنماردة، إلى ما يلحق بذلك من نحو رتبة العبادة باتباع الهوى الشائع موقعه في الأهم، وفي هذه الأمة، لأن من غلب عليه هوى شيء فقد عبده، فكأن عابد الشمس قلبه سعير، وعابد النار قلبه نار، وعابد القمر قلبه زمهرير، ومن عبد مثله من الخلق فقد عبد هواه.