للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأن العظيم هو ما يستغرق، كما يستغرق الجسم العظيم جميع الأقطار {وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى} وذلك حين كان ظاهر العلو هو كبرياؤه الذي شهد به كبير خلقه، قال، سبحانه وتعالى، فيما أنبأ عنه نبيه، - صلى الله عليه وسلم -: "الكبرياء ردائي" لأن الردأء هو ما على الظاهر، "والعظمة إزاري" والإزار ما ستر الباطن والأسفل، فإذا في السماء كبرياؤه، وفي الأرض عظمته، وفي العرش علوه، [وفي الكرسي عظمته، فعظمه أخفى ما يكون حيث التفصيل، وكبرياؤه وعلوه] أجلى ما يكون، حيث الإبهام والانبهام.

فتبين بهذا المعنى علو رتبة هذه الآية بما علت على الإيمان علو الإيمان على الكفران، ولما ألاحته للأفهام من قيوميته، تعالى، وعلوه وعظمته، وإبادة ما سواه في أن بنسب إليهم شيء، لأنه، سبحانه وتعالى، إذا بدا باد ما سواه، كان في إلاحة هذه الآية العلية العظيمة تقرير دين الإسلام الذي هو دين الإلقاء، كما كان فيما تقدم هو إيراد السورة تقرير دين القيمة الذي ما أمروا إلا ليعبدون به مخلصين حنفاء، ويقيموا الصلاة ويوتوا الزكاة، ولذلك كان ذكر دين الإسلام في سورة الإفصاح بمعاني هذه السورة آل عمران، إثر قوله: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}.

{لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}

قال الْحَرَالِّي: لما نقل، سبحانه وتعالى، رتبة الخطاب من حد خطاب الأمر والنهي والحدود، وما ينبني عليه المقام به دين القيمة الذي أخفى

<<  <   >  >>