جوامعها في تيسير الكلم كما ضمها لمن اصطفاه:{ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ} فقال، سبحانه وتعالى:{يُؤْتِي الْحِكْمَةَ} - انتهى.
{فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا}
قال الْحَرَالِّي مامعناه: أنه نكره لما في الحكمة من التسبب الذي هو كلفة، ولو يسرت، فكان الخير الكثير المعرف في الكلمة، بما فيها من اليسر والحياطة والإنالة [الذي -] لا ينال منه منال بسبب، وإنما هو فضله يؤتيه من يشاء، فيصير، سبحانه وتعالى، سمعه وبصره - إلى آخره.
{وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ}
وقال الْحَرَالِّي: الذين لهم لب العقل الذي ينال لب الحس، كأن الدنيا قشر ينال بظاهر العقل، والآخرة لب تنال بلب العقل؛ ظاهرا لظاهر، وباطنا لباطن، من تذكر ابتداء من الابتداءات السابقة ورد عليه فضل الله منه. من رجع من حسه إلى نفسه، تنشأت له أوصاف الفضائل النفسانية وترقى عما في محسوسه عن المهاوي الشهوانية، ومن تخلص من نفسه إلى روحه تحسس بالوصلة الرحمانية والمحبة الربانية. كذلك من ترقي من روحه إلى أمره تحقق بالإحاطة الوحدانية، ومن استبطن من أمره إلى سره اجتمع إلى الأولية الفردانية.