وجه إنزال هذا الحرف تعرف الحق للخلق، بمعتبر ما خلقهم عليه، ليلقنوا عنه وليفهموا خطابه، وليتضح لهم نزول رتبتهم عن علو ما تعرف به لهم ولينختم بعجزهم عن إدراك هذا الحرف علمهم بالأربعة وحسهم بالخامس، [وبوقوفهم عنه والاكتفاء بالإيمان منه ما تقدم من عملهم بالأربعة، واتصافهم بالخامس] لتتم لهم العبادة بالوجهين: من العمل والوقوف، والإدراك والعجز:{فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ}؛ علما وحسا، {ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ} وقوفا وعجزا، أعلمهم بحظ من علم أنفسهم وغيرهم، بعد أن أخرجهم من بطون أمهاتهم لا يعلمون شيئا، ثم أعجزهم عن علم أمره وأيامه الماضية الآتية وغائب الحاضرة، ليسلموا له اختيارا، فيرزقهم اليقين بأمره وغائب أيامه، كما أسلموا له في الصغر اضطرارا، فرزقهم حظا من علم خلقه، فمن لم يوقفه في حد الإيمان اشتباه خطابه تعالى عن نفسه، وما بينه وبين خلقه، وحاول تدركه بدليل أو فكر أو تأويل، حرم اليقين بعلى الأمر والتحقيق في علم الخلق، وأخذ بما أضاع