وكان جماع ما في القرآن منضما إلى معانيها، إما لما صرحت به، أو لما ألاحته وأفهمه إفصاح من إفصاحها، كما تنضم هي مع سائر القرآن إلى سورة الفاتحة، فتكون أما للجميع. أفاد ذلك الأستاذ أبو الحسن الْحَرَالِّي.
ومن الجوامع العظيمة في أمرها، وشمول معناها المبين لعلو قدرها، ما
قال الْحَرَالِّي: إنه لما كان منزل هذا القرآن المختص بخاتم النبيين، صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين، منزلا حروفا مقطعة المعاني، مخاطبا بها النبي والأئمة، وتفصيل [آيات -] مخاطبا بها عامة الأمة، انتظمت هذه السورة صنفي الخطابين: فافتتحت بـ {الم} حروفا منبئة عن إحاطة بما تضمنته معانيها من إحاطة القائم من معنى الألف، وإحاطة المقام من معنى الميم، وإحاطة الوصلة من معنى اللام، ولما كانت الإحاطة في ثلاث رتب: إحاطة إلهية قيومية، وإحاطة كتابية، وإحاطة تفصيلية، كانت الإحاطة الخاصة بهذه الأحرف [التي -] افتتحت بها هذه السورة إحاطة كتابية متوسطة، فوقع الافتتاح فيما وقع عليه [أمر -] القرآن في تلاوته في الأرض بالرتبة المتوسطة، من حيث هي أقرب للطرفين، وأيسر للاطلاع على الأعلى والقيام بالأدنى، فكان ما كان في القرآن من {الم (١) تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ}