قال الْحَرَالِّي: هو العهد الثقيل [أي -] الذي في تحمله أشد المشقة - انتهى.
{وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا}
وقال الْحَرَالِّي: ولما كان قد يلحق من يعفي عن ويغفر له قصور في الرتبة عن منال الحظ من الرحمة، ألحق، تعالى، المعفو عنه المغفور له بالمرحوم ابتداء بقوله:{وَارْحَمْنَا} أي حتى يستوي المذنب التائب والذي لم يذنب قط في منال الرحمة.
ولما ضاعف لهم، تعالى، عفوه ومغفرته ورحمته أنهاهم بذلك إلى محل الخلافة العاصمة:{لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ} فلما صاروا خلفاء تحقق منهم الجهاد لأعداء الله، والقيام بأمر الله، ومنابذة من تولى غير الله، فتحقق أنه لابد أن يشاققهم أعداء وينابذوهم، فعلمهم الذي رحمهم، سبحانه، إسناد أمرهم بالولاية إليه قائلا:{أَنْتَ مَوْلَانَا} والمولى هو الولي اللازم الولاية الدائم بها، الدائم عليها، لمن تولاه بإسناد أمره إليه فيما ليس هو بمستطيع له - انتهى بالمعنى.
{فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} ولما كان الختم بذلك مشيرا إلى أنه، تعالى، لما ضاعف لهم عفوه عن الذنب، فلا يعاقب عليه، ومغفرته له بحيث يجعله كأن لم يكن، فلا يذكره أصلا، ولا يعاقب عليه، ورحمته في إيصال المذنب المعفو عنه المغفور له إلى المنازل العالية - أنهاهم إلى رتبة الخلافة في القيام بأمره والجهاد لأعدائه، وإن جل أمرهم، وأعيى حصرهم، كان منبها على أن بداية هذه السورة هداية، وخاتمتها خلافة، فاستوفت تبيين أمر النبوة إلى حد ظهور الخلافة، فكانت سناما للقرآن،