وجه إنزال هذا الحرف تحقيق اتصاف العبد بما هو اللائق به في صدق وجهته إلى الحق بانقطاعه عن نفسه، وبراءته منها، والتجائه إلى ربه استسلاما، وحفده في خدمته إكبارا، واستناده إليه اتكالا، وسكونه له طمأنينة: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (٢٧) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً}.
ويتأكد تحلي العبد بمستحق أوصافه بقراءة هذا الحرف، والعمل به بحسب براءته من التعرض لنظيره المتشابه، [لأن اتباع المتشابه] زيغ، لقصور العقل والفهم عن نيله ووجوب الاقتصار على الإيمان به، من غير موازنة بين ما خاطب الله تعالى به عباده للتعرف، وبين ما خلقه للعبد للاعتبار. "سبحان من لم يجعل سبيلا إلى معرفته إلا بالعجز عن معرفته".
وجامع منزل المحكم ما افتتح به التنزيل في قوله تعالى:{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} الآيات. وما قدم في الترتيب في قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} إلى ما