قال الْحَرَالِّي: توكيد وتخليص وإخلاص للعلم والحكمة لله وحده، وذلك من أرفع الإسلام، لأنه إسلام القلوب ما حلاها الحق، سبحانه، به فإن العلم والحكمة نور القلوب الذي تحيا به، كما أن الماء رزق الأبدان الذي تحيا به، والحكمة جعل تسبيب بين أمرين يبدو بينهما تقاض من السابق، واستناد من اللاحق - انتهى.
{يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ}
قال الْحَرَالِّي: ولم يقل: علمهم، فكان آدم عليما بالأسماء، وكانوا هم مخبرين بها لا معلميها، لأنه لا يتعلمها من آدم إلا من خلقه محيط كخلق آدم، ليكون من كل شيء، ومنه كل شيء، فإذا عرض عليه شيء مما منه آنس علمه عنده؛ فلذلك اختصوا بالإنباء دون التعليم، فلكل شيء عند آدم، عليه السلام، - بما علمه الله وأظهر له علاماته في استبصاره الشيء - اسمان جامعان: اسم يبصره من موجود الشيء، واسم يذكره لإبداء معنى ذلك الشيء إلى غاية حقيقته، ولكل اسم جامع عنده وجوه متعددة، يحاذي كل وجه منها بتسمية تخصه، وبحسب تلك الوجوه تكثرت عنده الألسنة، وتكثرت الألسن الأعجمية، فأفصحها وأعربها الاسم الجامع، وذلك الاسم هو العربي، الذي به أنزل خاتم الكتب، على خاتم المرسلين، وأبقى دائما في مخاطبة أهل الجنة لمطابقة الخاتمة إحاطة البادئة: {حم حم (١) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (٢) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٣) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} وطابق الختم البدء إحاطة لإحاطة - انتهى.