فهذا الترتيب من كمالات هذه الحكمة المؤتاة المنزلة بالوحي في هذا الكتاب الجامع لنبأ ما سبق، وخبر ما لحق، وباطن ما ظهر. انهى، تعالى، إلى ذكرها أعمال الخلق، وخصوصا في الجود بالموجود، كما أنهى إقامة مبنى الدين بظهور وجوده، فأنهى تنزيل أمره بظهور وجوده، وأنهى استخلاف عباده بالانتهاء إلى مدد جوده، فكان أعلى الحكمة الجود [بالموجود -]، فبذلك، والله سبحانه وتعالى أعلم، اتصل ذكر آية الحكمة بالإنفاق نظما، وبآية الكرسي مناظرة - انتهى.
{أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ}
قال الْحَرَالِّي: والنذر إبرام العدة بخير يستقبل فعله، أو يرتقب له ما يلتزم به، وهو أدنى الإنفاق، لاسيما إذا كان على وجه الاشتراط، قال - صلى الله عليه وسلم -: "إنما يستخرج به من البخيل " - انتهى.
{وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ}
قال الْحَرَالِّي: ففي إفهامه أن الله آخذ بيد السخي، وبيد الكريم، كلما عثر، فيجد له نصيراً، ولا يجد الظالم بوضع القهر موضع البر ناصرا، وفيه استغراق نفي بما تعرب عنه كلمة "من" - انتهى.