تشتمل على تفاوت وجه الخطاب فيما بين ما أنزل على وفق الوصية، أو أنزل على حكم الكتاب
اعلم أن الله سبحانه بعث محمدا، - صلى الله عليه وسلم -، بالرحمة لجميع العالمين، وخلقه بالعفو والمعروف، كما ورد في الكتب السابقة من قوله تعالى:"وأجعل العفو والمعروف خلقه" وبذلك وصاه، كما ورد عنه، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال:"أوصاني ربي، بغير ترجمان ولا واسطة، بسبع خصال: بخشية الله في السر والعلانية، وأن أصل من قطعني، وأصفح عمن ظلمني، وأعطي من حرمني، وأن يكون نطقي ذكرا، وصمتي فكرا، ونظري عبرة".
فكان فيما أوصاه به ربه، تبارك وتعالى، من غير ترجمان ولا واسطة، بأن يصل من قطعه، ويصفح عمن ظلمه، ولا أقطع له ممن كفر به وصد عنه، فكان هو، - صلى الله عليه وسلم -، بحكم ما بعث له وجبل عليه ووصى به، ملتزما للعفو عمن ظلمه، والوصل لمن قطعه، إلا أن يعلن عليه بالإكراه على ترك ذلك والرجوع إلى حق العدل، والاقتصاص والانتصاف المخالف لسعة وصيته، الموافق لما نقل من أحكام سنن الأولين، في مؤاخذتهم وأخذهم بالحق والعدل، إلى جامع شرعته ليوجد فيها نحو مما تقدم من الحق والعدل، وإن قل، ولتفضل شرعته بما اختص هو به، - صلى الله عليه وسلم -، من البعثة بسعة الرحمة والفضل. والله {يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ}. {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ}.