وقال الْحَرَالِّي: يقال هو الحب الذي يخبر - انتهى.
{اهْبِطُوا مِصْرًا}
قال الْحَرَالِّي: المصر هو البلد الجامع لما يتعاون عليه من أمور الدنيا، الذي يجمع هذه المطالب التى طلبوها، لأن ما دون الأمصار لا يكون فيها إلا بعضها، ومنه سميت مصر، لجماع أمر ما في الدنيا فيها، وغرابة سقياها، وإن وافق ذلك ما يقال: إنها سميت مصر باسم رجل، فالوفاق في حكمة الله، لأن كل دقيق وجليل فيها جار بعلم الله وحكمته، حيث كانت من وراء حجاب يخفيها، أو ظاهرة بادية لأهل النظر والاستبصار - انتهى.
{فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ} والسؤال
قال الْحَرَالِّي: طلب ما تدعو إليه الحاجة، وتقع به الكفاية، قال: وذكر تعالى: أن مطلبهم إنما يجدونه في الأمصار التي أقر فيها حكمته، لا في المفاوز التى تظهر فيها كلمته، ولذلك كثيرا ما تنخرق العادة لأولياء هذه الأمة في المفاوز، وقل ما تنخرق في الأمصار، والقرى، لما في هذه الآية مضمونه، ولذلك حرص السالكون على السياحة والانقطاع عن العمائر، لما يجدون في ذلك من روح رزق الله عن كلمته، دون كلفة حكمته.
ولما نظم سبحانه بنبأ موسى، عليه السلام، ما كان من نبأهم مع يوشع، عليه السلام، بعده نظم في هذه الآية بخطاب موسى، عليه السلام، ما كان منهم بعد يوشع، عليه السلام، إلى آخر اختلال أمرهم، وانقلاب أحوالهم، من حسن المظاهرة لنبيهم، إلى حال الاعتداء والقتل لأنبيائهم، عليهم السلام، وفي جملته إشعار بأن ذلك لم يكن منهم إلا لأجل إيثار الدنيا، [و] رئاستها ومالها، على الآخرة؛ إيثارا للعاجلة على الآجلة، وفي طيه أشد التحذير لهذه الأمة في اتباعهم لسنن أهل الكتاب