ليتثنى الوقوف في الحل والحرم، فكان فيه موقف نهار ينتهي إلى الليل في عرفة، وموقف ليل ينتهي إلى النهار في المشعر، فوقف فيه، - صلى الله عليه وسلم -، بعد صلاة الفجر وقبل طلوع الشمس، وهو ذكره عنده، لأن الذكر بحسب الذاكر، فذكر اللسان القول، وذكر البدن العمل، وذكر النفس الحال والانفعال، وذكر القلب المعرفة والعلم واليقين، ونحو ذلك، ولكل شيء ذكر بحسبه، وفي جمع الموقفين في الحل والحرم، في معلم الحج الذي هو آية الحشر، إيذان وبشرى بأن أهل الموقف صنفان:[صنف -] يقفون في موطن روع ومخافة وقوفا طويلا؛ اعتبارا بوقوف الواقفين بعرفة، من حين زوال الشمس إلى غروبها، ست ساعات.
وصنف حظهم من الوقوف قرار في أمنة ظل العرش الذي هو حرم يوم القيامة وكعبته، فتشعر خفة الوقوف بالمشعر الحرام أن أمد طول ذلك اليوم يمر على المستظلين بظل العرش فيه كأيسر مدة، كما قال، عليه الصلاة والسلام، بمقدار صلاة مكتوبة، فكان في ذلك فضل ما بين موقف الحرم على موقف الحل - انتهى.
{ثُمَّ أَفِيضُوا}
وقال الْحَرَالِّي: لما كان للخطاب ترتيب للأهم فالأهم، كما كان للكيان ترتيب للأسبق فالأسبق، كان حرف المهلة الذي هو "ثم" يقع تارة